التعليق على قوله تعالى: ﴿وَكَيۡفَ تَأۡخُذُونَهُۥ وَقَدۡ أَفۡضَىٰ بَعۡضُكُمۡ إِلَىٰ بَعۡضٖ وَأَخَذۡنَ مِنكُم مِّيثَٰقًا غَلِيظٗا ٢١﴾

فسر الإفضاء بالجماع، والميثاق الغليظ بما يؤخذ على الزوج عند العقد، من الإمساك بالمعروف أو التسريح بإحسان، ولا شك أن من أوقع الطلاق على زوجته بدون سبب يوجبه منها من ارتكابها الفاحشة أو نفرتها عن زوجها، ثم تعدى عليها بأخذ مالها، فإنه يعتبر عاصيًا مخالفًا لنظام الرب وللعدل والمروءة، وقد سرحها بحالة الإساءة لا الإحسان، حيث جمع لها بين ألم فراقه وألم أخذ مالها، وإنما خص الزوجة بالذكر لكثرة وقوع ذلك من الجُفَاةِ الظَّلَمَة، متى أراد أحدهم أن يتزوج امرأة أخرى غيرها، أخذ يضار امرأته الأولى لتفتدي منه برد ماله إليه. نظيره قوله تعالى: ﴿ٱلطَّلَٰقُ مَرَّتَانِۖ فَإِمۡسَاكُۢ بِمَعۡرُوفٍ أَوۡ تَسۡرِيحُۢ بِإِحۡسَٰنٖۗ وَلَا يَحِلُّ لَكُمۡ أَن تَأۡخُذُواْ مِمَّآ ءَاتَيۡتُمُوهُنَّ شَيۡ‍ًٔا إِلَّآ أَن يَخَافَآ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ ٱللَّهِۖ﴾ [البقرة: 229]. ومثله قوله تعالى: ﴿وَإِذَا طَلَّقۡتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَبَلَغۡنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمۡسِكُوهُنَّ بِمَعۡرُوفٍ أَوۡ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعۡرُوفٖۚ وَلَا تُمۡسِكُوهُنَّ ضِرَارٗا لِّتَعۡتَدُواْۚ﴾ [البقرة: 231]. وقوله: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا يَحِلُّ لَكُمۡ أَن تَرِثُواْ ٱلنِّسَآءَ كَرۡهٗاۖ وَلَا تَعۡضُلُوهُنَّ لِتَذۡهَبُواْ بِبَعۡضِ مَآ ءَاتَيۡتُمُوهُنَّ﴾ [النساء: 19]. وروى البخاري، قال: كانوا إذا توفي الرجل كان أولياؤه أحق بامرأته. إن شاء بعضهم تزوجها، وإن شاؤوا زوجوها، وإن شاؤوا لم يزوجوها، فهم أحق بها من أهلها. وروى أبو داود عن ابن عباس في الآية أن الرجل كان يرث امرأة من قرابته، أو يعضلها حتى تموت، أو ترد إليه صداقها.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " تحديد الصداق ومعارضة المرأة لعمر بن الخطاب في ذلك " / وليمة العرس || المجلد 2