الإيمان في إطلاقه بمثابة اسم الدين في شموله

الإيمان في إطلاقه بمثابة اسم الدين في شموله. وهذا معنى قول النبي ﷺ في الحديث الصحيح: «ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب». يشير بهذا إلى أنه متى صلح القلب بعقيدة الإيمان، نشطت الجوارح بأداء واجباتها، وإذا اختل صلاح القلب، اختل عمل الجوارح، وقد وصفوا القلب بالملك، والجوارح جنوده التابعة له، تسعد بسعادته وتشقى بشقاوته، أشبه بالروح مع الجسد. وروى البخاري في تاريخه عن أنس، أن النبي ﷺ قال: «ليس الإيمان بالتمني، ولكن ما وقر في القلب وصدقه العمل، وإن قومًا ألهتهم أماني المغفرة حتى خرجوا من الدنيا ولا حسنة لهم، يقولون: نحن نحسن الظن بالله. وكذبوا، لو أحسنوا الظن لأحسنوا العمل». أخذها الحسن البصري، فقال: ليس الإيمان بالتحلي، ولا بالتمني، ولكن ما وقر في القلوب، وصدقته الأعمال. ولهذا قال أبو ثور: الإيمان تصديق وعمل. ثم ليعلم أن هذه المباني الخمسة الواردة في حديث ابن عمر، أن النبي ﷺ قال: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، والحج». فهذه أصل الإسلام لمن سأل عن الإسلام، كما أنها الفرقان بين المسلمين والكفار، وكما أنها محك التمحيص لصحة الإيمان، وبها يعرف صادق الإسلام من بين أهل الكفر والفسوق والعصيان، وقد ذاق طعم الإيمان: من رضي بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد نبيًّا رسولاً.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - تثقيف الأذهان بعقيدة الإسلام والإيمان [حقيقة الإسلام والإيمان] - المجلد (1)