نماذج من تفسير صاحب "بوارق الهدى" لبعض الآيات الكونية

له في تفسيره (تفسير صاحب "بوارق الهدى") اجتهادات في علم الكون والكشوف والسموات لا بد من الإشارة إلى ذكر بعضها. من ذلك قوله في تفسير قوله سبحانه: ﴿أَوَ لَمۡ يَرَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَنَّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ كَانَتَا رَتۡقٗا فَفَتَقۡنَٰهُمَاۖ﴾ [الأنبياء: 30]. قال: أي كان الجميع متصلاً بعضه ببعض ومتلاصقًا متراكبًا بعضه فوق بعض في ابتداء الامر ففتق الله هذه من هذه، فجعل السموات سبعًا والأرض سبعًا وفصل بين السماء الدنيا والأرض بالهواء، فأمطرت السماء وأنبتت الأرض فذلك قوله ﴿كَانَتَا رَتۡقٗا فَفَتَقۡنَٰهُمَاۖ﴾. وكانت السماء لا تمطر والأرض لا تنبت. ففتق الله السماء بالمطر والأرض بالنبات، ثم ساق عن ابن عباس وعن سعيد ابن جبير معنى ذلك. وقال في تفسير قوله: ﴿أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يُولِجُ ٱلَّيۡلَ فِي ٱلنَّهَارِ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلَّيۡلِ وَسَخَّرَ ٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَۖ كُلّٞ يَجۡرِيٓ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمّٗى﴾ [لقمان: 29]. قال: روى ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا أبو صالح حدثنا يحيى بن أيوب عن ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس، أنه قال: الشمس بمنزلة الساقية تجري بالنهار في فلكها فإذا غربت جرت بالليل في فلكها تحت الأرض حتى تطلع من مشرقها. قال: وكذلك القمر، إسناده صحيح. انتهى. فتفسير ابن كثير بهذا يوافق ما ذكره عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قوله تعالى: ﴿وَكُلّٞ فِي فَلَكٖ يَسۡبَحُونَ ٤٠﴾ [يس: 40]. أي: بين السماء والأرض، وإنما استغربه ابن كثير من أجل نكارة سنده، وإلا فإن معناه صحيح كما مر وصححه في هذه الآية.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - الرد بالحق الأقوى على صاحب بوارق الهدى [ نماذج من تفسير "نصر الله" للآيات الكونية ] - المجلد 1