ترجمة البخاري بما يقتضي تفسير الإسلام وتوضيحه

وقد ترجم عليه البخاري في صحيحه. بما يقتضي تفسيره وتوضيحه، فقال: (باب) إذا لم يكن الإسلام على الحقيقة، وكان على الاستسلام، أو الخوف من القتل؛ لقول الله تعالى: ﴿۞قَالَتِ ٱلۡأَعۡرَابُ ءَامَنَّاۖ قُل لَّمۡ تُؤۡمِنُواْ وَلَٰكِن قُولُوٓاْ أَسۡلَمۡنَا وَلَمَّا يَدۡخُلِ ٱلۡإِيمَٰنُ فِي قُلُوبِكُمۡ﴾ [الحجرات: 14]. وإذا كان على الحقيقة فهو مثل قوله: ﴿إِنَّ ٱلدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلۡإِسۡلَٰمُۗ﴾ [آل عمران: 19]. ثم ذكر حديث سعد، وهو أن النبي ﷺ أعطى رجالاً ولم يعطِ رجلاً، قال سعد، فقلت: يا رسول الله، ما لك عن فلان؟ فوالله إني أراه مؤمنًا. فقال: «أوْ مسلمًا» قال: ثم غلبني ما أجد، فقلت: يا رسول الله. مالك عن فلان. فوالله إني أراه مؤمنًا. فقال: «أوْ مسلمًا». ثم قال: «إني لأعطي الرجل العطاء وغيره أحب إليّ منه كراهية أن يكبه الله في النار على وجهه». فالنبي ﷺ أحب من سعد أن يقول: إني أراه مسلمًا. فيصف هذا الرجل بأعماله الظاهرة المشاهدة، بخلاف وصفه بالإيمان الذي هو من أعماله الباطنة، والذي لا يطلع عليه إلا الله. وهذا من حسن الأدب في التعبير، والنهي عن الغلو، والإفراط في المدح. وفي صحيح مسلم أن النبي ﷺ قال في صفة الأمانة: «يقال للرجل: ما أجلده، ما أظرفه، وما أعقله، وما في قلبه مثقال ذرة من الإيمان...» أو كما قال. ونظير هؤلاء الأعراب قصة بني جذيمة، حين غشيهم خالد بن الوليد، بجنوده، فأقبلوا يقولون: صبأنا.. صبأنا. ولم يحسنوا قول: أسلمنا. فقتلهم خالد، فبلغ النبي ﷺ مقالتهم وقتلهم، فقال: «اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد».
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - تثقيف الأذهان بعقيدة الإسلام والإيمان [حقيقة الإسلام والإيمان] - المجلد 1