العلم القائم بذات الله لا يتبدل ولا يتغير
أما القائم بعلم الله فإنه لا يبدل ولا يغير، فإن الله يعلم أنه سيقع كذا وكذا في وقت كذا وكذا فهذا العلم لا تبديل فيه ولا تغيير، بخلاف الكتابة التي بأيدي الملائكة والتي في اللوح المحفوظ فإنها تتبدل وتتغير بحسب سنة الله في تقدير ما يدفعها ويرفعها كما قال عمر: نفر من قدر الله إلى قدر الله . وإنما حكى الله الاحتجاج بالقدر عن المشركين حيث قالوا: ﴿لَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَا عَبَدۡنَا مِن دُونِهِۦ مِن شَيۡءٖ نَّحۡنُ وَلَآ ءَابَآؤُنَا وَلَا حَرَّمۡنَا مِن دُونِهِۦ مِن شَيۡءٖۚ كَذَٰلِكَ فَعَلَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ فَهَلۡ عَلَى ٱلرُّسُلِ إِلَّا ٱلۡبَلَٰغُ ٱلۡمُبِينُ ٣٥﴾ [النحل: 35]. فأخبر الله بأنه ليس من شأن الرب إجبار الشخص على عبادة الله وحده وترك عبادة ما سواه، لكون ذلك كله موكولاً إلى فعل الشخص نفسه واختياره لها ﴿وَقُلِ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكُمۡۖ فَمَن شَآءَ فَلۡيُؤۡمِن وَمَن شَآءَ فَلۡيَكۡفُرۡۚ﴾ [الكهف: 29]. وقال الله تعالى: ﴿فَمَن كَفَرَ فَعَلَيۡهِ كُفۡرُهُۥۖ وَلَا يَزِيدُ ٱلۡكَٰفِرِينَ كُفۡرُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ إِلَّا مَقۡتٗاۖ وَلَا يَزِيدُ ٱلۡكَٰفِرِينَ كُفۡرُهُمۡ إِلَّا خَسَارٗا ٣٩﴾ [فاطر: 39].
وإنما وظيفة الرسل تبليغ الهداية والدعوة إلى العبادة يقول تعالى: ﴿وَلَقَدۡ بَعَثۡنَا فِي كُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولًا أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجۡتَنِبُواْ ٱلطَّٰغُوتَۖ فَمِنۡهُم مَّنۡ هَدَى ٱللَّهُ وَمِنۡهُم مَّنۡ حَقَّتۡ عَلَيۡهِ ٱلضَّلَٰلَةُۚ﴾ [النحل: 36]. ويقول: ﴿فَرِيقٞ فِي ٱلۡجَنَّةِ وَفَرِيقٞ فِي ٱلسَّعِيرِ ٧﴾ [الشورى: 7].
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - الإيمان بالقضاء والقدر على طريقة أهل السنة والأثر / " بطلان الاحتجاج بالقدر: المحتجون بالقدر حجتهم داحضة عند ربهم [العلم القائم بذات الباري لا يتبدل ولا يتغير] " - المجلد 1