الأقوال في قوله تعالى: ﴿وَأَن لَّيۡسَ لِلۡإِنسَٰنِ إِلَّا مَا سَعَىٰ﴾

حكى القرطبي في التفسير عن الأكثرين أن هذه الآية محكمة وأنه لا ينفع أحدًا عمل أحد، قال: وأجمعوا على أنه لا يصلي أحد عن أحد. ولمّا رأى بعض الـمفسرين وبعض الفقهاء أن هذه الآية تهدم قاعدة إهداء ثواب الأعمال إلى الـموتى وتثبت بالصراحة بأن ليس للإنسان إلا ما سعى، فمنهم من يقول: إنها منسوخة، ومنهم من يقول: إن الـمراد بالإنسان الكافر، وأما الـمسلم فله ما سعى وما سعى له غيره، وأحيانًا يقولون: إنه ليس للإنسان إلا ما سعى بطريق العدل وله ما سعى له غيره بطريق الفضل، ومنهم من يقول: إنها ليست من شريعة محمد ﷺ وإنما هي من شريعة إبراهيم وموسى. وكل هذه التأويلات ليس عليها دليل من الكتاب والسنة، وإنما خرجت مخرج الانتصار للمذهب ليدفعوا بها حجة الـمحتج عليهم بهذه الآية الصريحة الـمخالفة لرأيهم ومذهبهم، لتستقيم بذلك قاعدة إهداء ثواب الأعمال عندهم.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " الدّلائلُ العَقليَّة وَالنقليَّة في تفضيل الصّدقة عَن الميِّت على الضحيَّة وَهَل الضحيّة عَن المَيت شَرعيَّة أو غَير شَرعيَّة " / أقوال العلماء في تفسير: ﴿وَأَن لَّيۡسَ لِلۡإِنسَٰنِ إِلَّا مَا سَعَىٰ ٣٩﴾ - المجلد 5