السماء تطلق في القرآن ويراد بها ما علا وارتفع
فإن قيل: من أين لكم أن القمر أدنى الأجرام العلوية، وأنه مستقل في فلكه، وأن بينه وبين السماء فضاء، والله يقول: ﴿تَبَارَكَ ٱلَّذِي جَعَلَ فِي ٱلسَّمَآءِ بُرُوجٗا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَٰجٗا وَقَمَرٗا مُّنِيرٗا ٦١﴾ [الفرقان: 61].
فالجواب: أن السماء تطلق في القرآن ويراد بها ما علا وارتفع ومنه قوله: ﴿وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَخۡرَجَ بِهِۦ مِنَ ٱلثَّمَرَٰتِ رِزۡقٗا لَّكُمۡ﴾ [إبراهيم: 32]. ومعلوم أَن المطر إنما ينزل من السحاب لا من السماء، وقال: ﴿ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا كَلِمَةٗ طَيِّبَةٗ كَشَجَرَةٖ طَيِّبَةٍ أَصۡلُهَا ثَابِتٞ وَفَرۡعُهَا فِي ٱلسَّمَآءِ ٢٤﴾ [إبراهيم: 24]. وهذه الشجرة هي النخلة. وتطلق ويراد بها السماوات العلى وهي السقف المرفوع. فالله جعل في السماء بروجًا أي نجومًا وجعل فيها سراجًا وهي الشمس، وجعل فيها قمرًا منيرًا، وليست الشمس والقمر والنجوم كلها في فلك واحد وإنما هي متباينة المنازل، فكل واحد منها يسير في فلكه المرسوم له بقدرة الله وحكمته.