الحساب بالشهر الهلالي ميسر لكل أحد

(إن) الهلال إذا استهل ثم أبدر فإنه يستهل ويبدر على الدنيا أي المعمورة كلها في وقت واحد، وإذا غاب فإنه يغيب عن الدنيا كلها، باستثناء كون بعض البلدان يرونه أول يوم وآخرون لا يرونه، فإن هذا يرجع إلى مراقبته وتفاوت الأبصار في رؤيته. وقد قيل: إنه يرجع إلى اختلاف المطالع، وهو قول ضعيف جدًّا؛ فإن الله بحكمته نصب الشهر في السماء بقدرته لعموم منفعته لجميع الناس بحيث يجري حسابهم على دخوله وخروجه، وليس كالشمس تطلع على قوم وتغيب عن آخرين؛ لهذا صار من العسير معرفة الحساب بالشهر الشمسي بخلاف الشهر الهلالي؛ فإنه ميسر لكل أحد بحيث يعرفون كل شهر باسمه من ابتداء دخوله إلى خروجه، يشترك في معرفته العالم والعامي، والكاتب والأمي، والحضري والبدوي، حتى إنهم ليعرفون كم مضى من الشهر بمعرفة منزلة القمر، وبذلك تعرف الأشهر الحُرُم وأشهر الحج وشهر الصوم وأشهر عِدَدِ النساء وغير ذلك من الأحكام التي رتبها الله على الشهر الهلالي.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " حكمة الرب في خلق القمر " - المجلد 4