الاستشهاد بكلام ابن تيمية على جواز أكل لحوم أهل الكتاب

وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في صفحة 153 من المجلد الثاني من الفتاوى القديمة.. قال ما نصه: إن مسائل الاجتهاد لا يسوغ فيها الإنكار إلا ببيان الحجة، وإيضاح المحجة، لا الإنكار المستند إلى محض التقليد إلى أحد العلماء أو الأئمة، فإن هذا من فعل أهل الجهل والأهواء. قال: وإذا تنازع اثنان في لحوم أهل الكتاب، أحدهما يقول بالإباحة والآخر يقول بالتحريم، فإن القول هو قول من يدعي الإباحة، إذ هي الأصل. ثم قال: الوجه التاسع أن يقال: ما زال المسلمون في كل عصر ومصر يأكلون ذبائح أهل الكتاب، ومن يسكن معهم في بلادهم، فمن أنكر ذلك قد خالف إجماع المسلمين. قال: وهذه الوجوه تثبت بيان رجحان القول بالتحليل، وأنه مقتضى الدليل، وأن مثل هذه المسألة ونحوها من مسائل الاجتهاد لا يجوز لمن تمسك فيها بأحد القولين أن ينكر على الآخر بغير حجة ودليل، فإنه خلاف إجماع المسلمين. فقد تنازع المسلمون في جبن المجوس والمشركين، فليس لمن رجح أحد القولين أن ينكر قول الآخر إلا بحجة شرعية، وكذلك تنازعوا في متروك التسمية، وفي ذبائح أهل الكتاب إذا سمّوا عليها غير الله. وتنازعوا في ذبح الكتابي للضحايا، ونحو ذلك من المسائل الاجتهادية. وقد قال بكل قول طائفة من أهل العلم المشهورين. فمن صار إلى قول منهم مقلّدًا لقائله، لم يكن له أن ينكر على من خالفه، ولا يجوز لأحد أن يرجح قولا على قول بغير دليل، ولا يتعصب لقول على قول بغير حجة، بل إن من كان مقلدًا لمذهبه لزمه حل ربقة التقليد عن عنقه، فلا يرجح ولا يزيف ولا يصوّب. ومن كان عنده شيء من العلم والبيان فليقل به، ويجب أن يستمع ما يتبين أنه الحق، ويرد ما تبين أنه الباطل.. والله سبحانه قد فاوت بين الناس في قوى الأذهان كما فاوت بينهم في قوى الأبدان، فمن لم يعرف إلا قول عالم واحد، وحجته دون قول العلماء وحجتهم، فإنه من العوام المقلّدين، لا من العلماء المجتهدين الذين يرجحون.. والله الموفق.. انتهى.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " فصل الخطاب في ذبائح أهل الكتاب " / الأدهان والجبن المستورد مِن بُلدان أهل الكتاب وغيرهم - المجلد (4)