رأي الحافظ الذهبي في ابن تيمية

قال الذهبي رحمه الله فيما نقله عنه الحافظ ابن حجر في الدرر الكامنة، ترجمة شيخ الإسلام ابن تيمية، قال ما نصه: كان يقضى من شيخ الإسلام بالعجب، إذا ذكر مسألة من مسائل الخلاف واستدل لها ورجح، فما رأيت أسرع انتزاعًا للآيات الدالة على المسألة التي يوردها منه، ولا أشد استحضارًا للمتون وعزوها منه، كأن السنة نصب عينيه وعلى طرف لسانه، وكان آية من آيات الله في التفسير والتوسع فيه. وأما أصول الديانة ورد أقوال المخالفين، فكان لا يشق غباره فيها، ولعل فتاويه في الفنون تبلغ ثلاثمائة مجلد بل أكثر، وكان قوَّالاً بالحق لا تأخذه في الله لومة لائم. قال: ومن خالطه وعرفه فقد ينسبني إلى التقصير فيه، ومن نابذه وخالفه قد ينسبني إلى التغالي فيه، تعتريه حدة ولكن يقهرها بالحلم، ولم أر مثله في ابتهاله واستغاثته وكثرة توجهه إلى ربه، وكان مع سعة علمه وسيلان ذهنه وتعظيمه لحرمات الدين بشرًا من البشر، تعتريه حدة في البحث وغضب وشظف للخصم، تذرع بسببها عداوة في النفوس، وإلا فلو لاطف خصومه لكان كلمة إجماع، وإن كبار العلماء خاضعون لعلومه معترفون بندور خطئه، وإنه بحر لا ساحل له وكنز لا نظير له، وكان محافظًا على الصلاة والصوم، معظمًا للشرائع لا يؤتى من سوء فهم، فإن له الذكاء المفرط، ولا من قلة علم، فإنه بحر زاخر، ولا كان متلاعبًا بالدين ولا ينفرد بمسألة بمجرد التشهي بدون دليل، بل يحتج بالقرآن وبالحديث والقياس ويبرهن ويناظر أسوة بمن تقدمه من الأئمة، فله أجر على خطئه وأجران على إصابته. انتهى (ج1 - ص150).
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " كلمة الحق في الاحتفال بمولد سيد الخلق " / [رد سماحة الشيخ على رسالة: الاحتفال بذكر النعم واجب] - المجلد (4)