أسباب تحريم ربا الفضل وربا النسيئة
قال العلامة ابن القيم في الإعلام (ص267- ج2):
وأما ربا الفضل فتحريمه من باب سد الذرائع فمنعوا منه لما يخاف عليهم من ربا النسيئة، وذلك أنهم إذا باعوا دراهم بدراهم أكثر منها تدرّجوا بالربح المعجل فيها إلى الربح المؤخر وهو عين ربا النسيئة فمن حكمة الشارع أن سد عليهم هذه الذريعة ومنعهم من بيع درهم بدرهمين نقدًا ونسيئة وهذه حكمة معقولة تسد عليهم باب المفسدة، وسر المسألة أنهم منعوا من التجارة في الأثمان أي النقود بجنسها متفاضلاً أو نسيئة؛ لأن ذلك يفسد عليهم مقصود الأثمان، ويقودهم إلى ربا النسأ في الجنس والجنسين وربا الفضل في الجنس الواحد وأن تحريم هذا تحريم المقاصد وتحريم الآخر أي ربا الفضل تحريم الوسائل وسد الذرائع ولهذا لم يُبَح شيء من ربا النسيئة.
أما ربا الفضل فأبيح منه ما تدعو الحاجة إليه كالعرايا؛ لأن ما حرم سدًّا للذريعة أخف مما حرم تحريم المقاصد، بل إن ما حرم سدًّا للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة كما أبيحت العرايا وكذلك تحريم الذهب والحرير على الرجال سدًّا لذريعة التشبه بالنساء، وقد أبيح منه ما تدعو الحاجة إليه، كما رخص النبي ﷺ للزبير بن العوام وعبد الرحمن بن عوف في لباس الحرير من حكّة كانت بهما وكذلك عرفجة بن أسعد، قطع أنفه يوم الكلاب فاتخذ أنفًا من ذهب، وكذا ينبغي أن يباح بيع الحلية المصنوعة صياغة مباحة بأكثر من وزنها وتجعل الزيادة في مقابلة الصنعة.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من هامش في رسالة " أحكام عقود التأمين ومكانها من شريعة الدين " / الأوراق المالية الجاري بها التعامل في هذه الأزمنة - البيان في حكم التبايع نسيئة بالأوراق الجاري بها التعامل في هذا الزمان || المجلد (4)