سبب تشيع بلاد فارس
من مساوئ الإفتاء بجعل الثلاث متى وقعت بلفظ واحد أو في طهر واحد أنها طلاق بائن، فإن من شؤم هذا الحكم وهذا الإفتاء، أنها نقلت أمة ظاهرة قاهرة من مذهب أهل السنة إلى مذهب الشيعة.
وذلك أن فارس في قديم الزمان غالبُ سكانه من أهل السنة، والشيعة فيه قليلون إلى عام 707هـ حيث تولى الحكم الملك خدابنده محمد بعد أخيه غازان، وقد كان أخوه غازان ميّالاً لأهل السنة، وجاء خدابنده واستمر بعض الوقت مقيمًا على السنة إلى أن كانت سنة 709هـ حينما انتقل إلى مذهب الشيعة.
يقول الخوانساري في مؤلفه روضات الجنات: إن لابن المطهر دورًا بارزًا في تحويل السلطان من مذهب أهل السنة إلى مذهب الشيعة، ويذكر لنا رواية تظهر هذا الدور الخطير.
وهي أنه غضب يومًا السلطان خدابنده من زوجته فطلقها ثلاثًا، ثم أراد أن يردها إلى عصمته، فقال له فقهاء أهل السنة: إنه لا سبيل إلى ذلك حتى تنكح زوجًا غيره. وصعب عليه ذلك، فأشار عليه رجال حاشيته من الشيعة أن يدعو فقيهًا من علماء الحلة هو ابن المطهـر، وأكدوا للسلطان أن هذا العالم هو الذي يخرجه من هذه الورطة، فلما حضر ابن المطهر واستفتاه السلطان فيما وقع منه من الطلاق ثلاثًا، سأله: هل طلقت بحضور شاهدين عدلين؟ قال السلطان: لا. فأفتى له ابن المطهر بأن الطلاق لم تتحقق شروطه، ولذلك لم يقع، وله أن يعاشر زوجته كما كان يعاشرها قبل الطلاق، فسُر السلطان بهذه الفتوى، فتشيع الملك. وبتسويل ابن المطهر كتب خدابنده إلى عماله بالأمصار بأن يُخطب باسم الأئمة الاثني عشر على المنابر، ونقش أسماءهم على نقوده، وأمر بأن تنقش على جدران المساجد والمشاهد منهم. انتهـى.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " الحكم الشرعي في الطلاق السني والبدعي " / دعوة العلماء للعمل بالسنة || المجلد (2)