استعمالات لفظ العلوم الرياضية

إن لفظ العلوم الرياضية يستعمل في ثلاثة أنواع: أحدها (رياضة الأبدان) بالحركة والمشي، والثاني (رياضة النفوس) بالأخلاق الحسنة المعتدلة والآداب المحمودة، والثالث (رياضة الأذهان) بمعرفة دقيق العلم والبحث عن الأمور الغامضة وهذا هو المراد هنا. وأما استدلال بعض الناس بقوله تعالى: ﴿يَٰمَعۡشَرَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ إِنِ ٱسۡتَطَعۡتُمۡ أَن تَنفُذُواْ مِنۡ أَقۡطَارِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ فَٱنفُذُواْۚ لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلۡطَٰنٖ ٣٣﴾ [الرحمن: 33]. ويزعمون أن السلطان المذكور في هذه الآية هو (العلم) وأنهم وصلوا به إلى السماء، فهذا الاستدلال باطل قطعًا ولا يمت للمعنى المراد من الآية بصلة لا بطريق المنطوق ولا المفهوم، وإنما حقيقته تحريف للكلم عن مواضعه، فإن النفوذ في اللغة هو جواز الشيء عن الشيء والخلوص منه، يقال: نفذ السهم الرمية إذا خرقها وخرج من الجانب الآخر، ويقال: نفذ الرجل القوم إذا مشى وسطهم، ونفذهم جازهم وتخلفهم، قاله في القاموس.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " حكمة الرب في خلق القمر " - المجلد (4)