لم يثبت عن رسول الله ﷺ أنه نقل المقام عن مكانه وإنما نقله عمر
(إن) ديدن الحائر الـمبهوت أن يتمسك بما هو أوهى من سلك العنكبوت، أشبه من يحاول اقتباس ضوئه من نار الحباحب والتماس ريه من السراب الكاذب، ولن يخر فريسة لتعاليمه السخيفة سوي همجي رعريع قليل العلم والـمعرفة بحقائق العلوم النافعة، وكأنه (يعني ابن حمدان) بهذا التهور (يعني نسبة نقل المقام إلى النبي ﷺ) وفساد التصور يوهمنا أن النبي ﷺ دخل مكة عام الفتح على حين غفلة من أهلها، فعمد حال وصوله في هيئة السرار والخفا إلى الـمقام فنقله من لصق الكعبة إلى موضعه الآن بدون أن يعلم بذلك أحد من أصحابه، وإنما استباح القول بهذا من أجل أنه أوحش أمامه الطريق وعدم الصاحب والرفيق ممن يتبلغ به إلى محل التحقيق، لعلمه أن هذا العمل وهذا التصرف لم يثبت عن رسول الله ﷺ لا في حديث صحيح ولا حسن ولا ضعيف، ولم يثبت القول به عن أحد من أصحابه، ولم يذكر في شيء من كتب الصحاح ولا السنن ولا الـمسانيد ولا في شيء من السير الـمعتبرة كسيرة ابن إسحاق وابن هشام وابن سعد، ولا في تاريخ ابن جرير ولا ابن الأثير ولا في زاد الـمعاد لابن القيم ولا في شيء من الكتب الـمعتبرة ما عدا أن ابن كثير نسب القول به في البداية والنهاية إلى موسى بن عقبة ورده في التفسير وقال: إنما أخره عن جدار الكعبة أمير الـمؤمنين عمر بن الخطاب أحد الأئمة الـمهديين والخلفاء الراشدين ولم ينكر ذلك عليه أحد من الصحابة. انتهى.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " تحقيق المقال في جواز تحويل المقام لضرورة توسعة المطاف بالبيت الحرام " / الفصل الثامن - المجلد (5)