جرى العمل من الخلفاء الراشدين بهدم المساجد للضرورة

وقد جرى العمل بهذا (بهدم المساجد واستبدالها بغيرها) من الخلفاء الراشدين والصحابة المهديين، ولم ينكره أحد منهم. من ذلك أن سعد بن أبي وقاص كتب إلى عمر بن الخطاب يخبره أن بيت المال بالكوفة قد نقب وسرق، فكتب إليه يأمره بأن يهدم المسجد ويجعله سوقًا، وأن يجعل السوق هو المسجد، ويكون بيت المال في قبلته، فإنه لا يزال في المسجد مصلى، وكتب إلى ابن مسعود بذلك، وكان عامله على القضاء بالكوفة. ذكره ابن جرير في التاريخ، وفعلاً هدم المسجد وجعله سوقًا وجعل السوق هو المسجد، ولم ينكر ذلك أحد من الصحابة، لكونه من التصرف الحسن الملائم لمقاصد الشرع ومحاسنه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: إن إبدال المسجد لمصلحة راجحة مثل أن يبدل بخير منه أو يبنى بدله مسجد آخر أصلح منه لأهل البلد، فهذا ونحوه جائز عند أحمد وغيره من العلماء، واحتج أحمد بأن عمر نقل مسجد الكوفة القديم إلى مكان آخر وصار المسجد الأول سوقًا للتمارين. قاله في المسائل الماردانية. وحيث جاز مثل هذا التصرف في المسجد، فإن كل شيء دونه، وتكون المقابر أولى بالجواز كما سيأتي بيانه.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " جواز الاقتطاف من المسجد والمقبرة " / المسَاجد - المجلد (4)