محاولة النمرود بن كنعان الصعود إلى السماء

قد حاول الصعود إلى السماء قبل هؤلاء (الذين وصلوا إلى القمر) أناس كما روي عن أبي إسحاق: أن جبارًا من الجبابرة قيل: إنه النمرود بن كنعان وهو الذي حاج إبراهيم في ربه، أنه قال: لا أنتهي حتى أعلم من في السماوات، فعمد إلى فراخ نسور فأمر أن تطعم اللحم حتى إذا اشتدت وعضلت أي غلظت فأمر أن يتخذ تابوت يسع رجلين وأن يجعل فيه عصًا في رأسها لحم شديد حمرته، وأن يستوثق من أرجل النسور وتشد إلى قوائم التابوت، ثم جوع النسور وجلس هو وصاحب له في التابوت، وأثار النسور فلما رأت اللحم طلبته من فوقها فجعلت ترفع التابوت بقوتها وبشدة نهمتها إلى اللحم حتى بلغت به ما شاء الله، فقال الجبار لصاحبه: افتح الباب فانظر ما ترى. فقال: أرى الجبال كأنها ذباب، فقال: أغلق الباب، ثم صعدت بالتابوت ما شاء الله أن تصعد فقال الجبار لصاحبه: افتح الباب فانظر ما ترى، فقال: ما أرى إلا السماء وما تزداد منا إلا بعدًا، فقال: نكس العصا. فنكسها من تحت فانقضت النسور بالنزول تطلب اللحم من أسفل حتى وقع التابوت بمن فيه على الأرض. انتهى، فهذا يحاول المحال من صعوده إلى السماء وهي السقف المرفوع والسقف المحفوظ. كما قال الله تعالى: ﴿وَجَعَلۡنَا ٱلسَّمَآءَ سَقۡفٗا مَّحۡفُوظٗاۖ وَهُمۡ عَنۡ ءَايَٰتِهَا مُعۡرِضُونَ ٣٢﴾ [الأنبياء:32]. أي محفوظًا بالملائكة التي تحرسها.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " حكمة الرب في خلق القمر " - المجلد (4)