تحمل التجار القسم الأكبر من مساعدة المحتاجين وعونهم
ولقد رأينا الناس في قديم الزمان -مع ضعف حالهم وقلة مالهم- كانوا يتنافسون ويتساعدون على الأعمال الخيرية، من بناء المساجد والمدارس العلمية، وإعانة المرضى والمضطرين، وكفالة اليتامى، كل منهم على حسب قدرته، وعلى قدر رغبته في البذل ومقدرته؛ لكون الرجل كثيرًا بإخوانه، قويًّا بأعوانه، وعادم المال لا يعطيه، وكل إناء ينضح بما فيه.
ويتحمل التجار القسم الأكبر من هذه المساعدة، خصوصًا في النوائب الكبار التي تنوب البلد، من جهاد وغيره، فهم يتحملون أكبر النفقة في هذا طوعًا وكرهًا، وذلك في زمان كانت الملوك فيه معدمين من الثروة في تلك الحال. ومع هذه الأعمال قد عمتهم القناعة والرضا بما آتاهم الله من فضله، فعاشوا في زمنهم عيشة راضية مرضية، بأخلاق كريمة زكية، قد قنعهم الله بما آتاهم، ومتعهم متاعًا حسنًا في دنياهم.
وقد ضعف الآن بين الناس هذا التكاتف والتعاون لضعف رغبتهم في الخير، والبذل في سبيله، مع كثرة مالهم، فكانوا يحيلون كل شيء إلى الحكومة، ويرتجونه منها.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - الاشتراكية الماركسية ومقاصدها السيئة / " التجارة وعموم نفعها وحاجة الدولة والمجتمع إليها " - المجلد (3)