التفاضل بين الأشهر الشمسية والأشهر القمرية

لقد سمعنا من بعض الجهال تفضيلهم الشهور الشمسية التي عليها مدار الحساب الميلادي على الشهور القمرية بحجة أن الشهور الشمسية لا تتغير شتاءً ولا صيفًا، وهذا التفضيل بهذه الصفة غلط في التعبير وخطأ في التفضيل لا يصدر إلا عن جهل عريق وجفاء عميق.. فإن الشهور الشمسية لا يعرفها إلا الحاسب أو الكاتب، وأكثرهم لا يعرفها ولا يعرف اسم الشهر ولا كم مضى منه إلا عن طريق الجداول المخصصة لها، لأنها ليست بشهور مشهورة تشاهد بالعيان، وإنما هي عبارة عن حزر أيام يسمونها أشهرًا، وأكثر العامة لا يعرفونها ولا يعرفون كم مضى من الشهر. وقد عمل علماء المسلمين طريقة لحساب السنة لا تتغير شتاءً ولا صيفًا، فجعلوا السنة اثني عشر برجًا، أي كل فصل على مقدار الشهر فبعضها ثلاثون وبعضها واحد وثلاثون وبعضها تسعة وعشرون، فجعلوا للشتاء ثلاثة بروج أحدها الجدي وهو تسعة وعشرون يومًا، والدلو ثلاثون يومًا، والحوت ثلاثون يومًا. وللربيع ثلاثة بروج أحدها الحمل وهو واحد وثلاثون يومًا، وبرج الثور واحد وثلاثون يومًا، وبرج الجوزاء اثنان وثلاثون.. وهكذا سائر البروج فما من شيء من المحاسن إلا وقد سبق الإسلام إليه وأخذ بالنصيب الوافر منه. أما الشهور العربية القمرية فكل الناس يعرفونها لشهرتها ومشاهدتهم لها، يقول الله تعالى: ﴿إِنَّ عِدَّةَ ٱلشُّهُورِ عِندَ ٱللَّهِ ٱثۡنَا عَشَرَ شَهۡرٗا فِي كِتَٰبِ ٱللَّهِ يَوۡمَ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ مِنۡهَآ أَرۡبَعَةٌ حُرُمٞۚ ذَٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلۡقَيِّمُۚ﴾ [التوبة: 36]. وقال سبحانه: ﴿ٱلۡحَجُّ أَشۡهُرٞ مَّعۡلُومَٰتٞۚ﴾ [البقرة: 197]. وقال: ﴿شَهۡرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِيٓ أُنزِلَ فِيهِ ٱلۡقُرۡءَانُ هُدٗى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَٰتٖ مِّنَ ٱلۡهُدَىٰ وَٱلۡفُرۡقَانِۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ ٱلشَّهۡرَ فَلۡيَصُمۡهُۖ﴾ [البقرة: 185]. وفي الصحيحين أن النبي ﷺ قال: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غُمَّ عليكم فأكملوا العدة ثلاثين يومًا»، وفي رواية قال: «لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه، فإن غُمَّ عليكم فأكملوا العدة».
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - كتاب الصيام وفضل شهر رمضان / فصل في تفضل الشهور القمرية على الشهور الشمسية - المجلد (2)