سبب ترك أبي بكر المبادرة بإجابة عمر إلى جمع القرآن
ههنا أمر ينبغي التنبيه عليه مما يتعلق بترك أبي بكر المبادرة بإجابة عمر إلى جمعه (يعني القرآن)، وذلك أن بعض المسائل المستغربة تحدث زمن الصحابة ومن بعدهم فجأة فتتفرق الآراء وقد ينسون فيها حكم الله وهو معهم لكنه يغيب عنهم حال المحاضرة، ثم يعود إليهم بغوص أحدهم إلى استنباط العلم به، فمن ذلك موت النبي ﷺ قد أنكره الكثيرون وارتدت العرب من أجله، وقالوا: لو كان نبيًّا لم يمت، وكان أبو بكر غائبًا بالسُّنْح في عوالي المدينة عند زوجة له، فلما سمع بالخبر جاء فكشف عن وجه النبي ﷺ وقبَّله وقال: ما أطيبك حيًّا وميتًا، ثم صعد المنبر فأقبل الناس إليه، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس من كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت، ثم قرأ: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٞ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِهِ ٱلرُّسُلُۚ أَفَإِيْن مَّاتَ أَوۡ قُتِلَ ٱنقَلَبۡتُمۡ عَلَىٰٓ أَعۡقَٰبِكُمۡۚ وَمَن يَنقَلِبۡ عَلَىٰ عَقِبَيۡهِ فَلَن يَضُرَّ ٱللَّهَ شَيۡٔٗاۗ وَسَيَجۡزِي ٱللَّهُ ٱلشَّٰكِرِينَ ١٤٤﴾ [آل عمران: 144].
قال عمر: فلما سمعت الآية انقطع لها ظهري كأني لم أسمعها قبل اليوم وتحققت أن رسول الله ﷺ قد مات، فما بقي رجل ولا امرأة في المدينة إلا يتلو هذه الآية بعد استنباط أبي بكر لها. والحكماء يحبون الرأي الخمير ويكرهون الرأي الفطير.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " كلمة الحق في الاحتفال بمولد سيد الخلق " / [رد سماحة الشيخ على رسالة: الاحتفال بذكر النعم واجب] - المجلد (4)