ذم المال مصروف إلى ذم أفعال بني آدم فيه
فكل ما تسمعونه في القرآن أو في الحديث من ذم الدنيا أو ذم المال، فإنما يراد به ذم أفعال بني آدم السيئة في المال؛ لأن أفعال الناس تقع غالبًا على الأمر المكروه أو الحرام، من أكلهم الربا وشربهم الخمور وتوسعهم في أعمال الشرور والفجور، فالذم ينصرف إلى هذه الأعمال لا إلى نفس المال، وإذا قال الإنسان: لعن الله الدنيا. قالت الدنيا: لعن الله أعصانا لربه. لأن الله جعل الدنيا منحة لأقوام، ومحنة على آخرين، وسعادة لأقوام، وشقاوة على آخرين، وقد سمى الله المال خيرًا لمن أراد به الخير.
فالمال هو من الزينة التي أخرجها الله لعباده كرامة لهم ﴿قُلۡ مَنۡ حَرَّمَ زِينَةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِيٓ أَخۡرَجَ لِعِبَادِهِۦ وَٱلطَّيِّبَٰتِ مِنَ ٱلرِّزۡقِۚ قُلۡ هِيَ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا خَالِصَةٗ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ﴾ [الأعراف: 32]. فسمى الله المال زينة لأنه يزين صاحبه في العيان، ويجمله بين الأقران، ويحفظه عن السقوط في الذل والهوان، وهو ترس المؤمن في آخر الزمان، ولا يستغني عنه في حال من الأحوال، وإن الكريم على الإخوان ذو المال. مع العلم أنه لا غبطة بكثرة المال، وإنما الغبطة في استعمال المال فيما خلق له من صالح الأعمال، كما قيل:
فتىً لا يعدُّ المال ربًّا ولا يُرى
له جفوةٌ إن نال مالا ولا كِبرُ
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - الاشتراكية الماركسية ومقاصدها السيئة / " شكر نعمة الغنى بالمال " - المجلد 3