لم يجعل لعمل الـمؤمن منتهى إلا الـموت

قد أمر الله عباده بأن يعبدوه حتى يلقوه؛ لأنه لم يجعل لعمل الـمؤمن منتهى إلا الـموت، قال الله تعالى: ﴿وَٱعۡبُدۡ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأۡتِيَكَ ٱلۡيَقِينُ ٩٩﴾ [الحجر: 99]. وإن من الحزم وفعل أولي العزم، كون الإنسان إذا عمل عملاً كصيام رمضان، فإنه يحافظ على إتقانه، وعدم إحباطه وإبطاله. وقد قيل: إن من علامة قبول الطاعة أن توصل بطاعة بعدها، ومن علامة ردها أن تعقب تلك الطاعة بمعاصٍ بعدها تحبطها. يقول الله سبحانه: ﴿أَيَوَدُّ أَحَدُكُمۡ أَن تَكُونَ لَهُۥ جَنَّةٞ مِّن نَّخِيلٖ وَأَعۡنَابٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ لَهُۥ فِيهَا مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَٰتِ وَأَصَابَهُ ٱلۡكِبَرُ وَلَهُۥ ذُرِّيَّةٞ ضُعَفَآءُ فَأَصَابَهَآ إِعۡصَارٞ فِيهِ نَارٞ فَٱحۡتَرَقَتۡ﴾ [البقرة: 266]. وهذا مثل ضربه الله لمن له أعمال صالحات؛ من صلاة وصيام وصدقات، فكانت أعماله الصالحة بمثابة الحديقة فيها من كل الثمرات، ثم إنه سلط عليها في آخر عمره بفعل الـمنكرات، وترك الطاعات، فنزل على حديقته عاصف من العذاب فأحرقها، فلم ينتفع بشيء من ثمرها، مع مسيس حاجته إليها، وكذلك الـمعاصي تحرق الطاعات وتوبقها.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من مجلد " الحكم الجامعة (1) " / (43) الذكرى في أول شَوال وفضل نوافل الصّلاة والصّيام - المجلد (6)