من لا يكرم نفسه لا يكرم
لقد مكث الـمسلمون ثلاثة عشر قرنًا يحكمون بالشريعة الإسلامية الكفيلة بحل مشاكلهم، ما وقع في هذا الزمان، وما سيقع بعد أزمان. عملاً بقوله سبحانه: ﴿وَأَنِ ٱحۡكُم بَيۡنَهُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَهُمۡ وَٱحۡذَرۡهُمۡ أَن يَفۡتِنُوكَ عَنۢ بَعۡضِ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ إِلَيۡكَ﴾ [الـمائدة: 49].
فكان الحكام الـمسلمون يحكمون بالقصاص، وقطع يد السارق، ويجلدون الزاني والقاذف وشارب الخمر، ولا تأخذهم في الله لومة لائم. فكانت لهم العزة والقوة والتمكين في الأرض، وهذه الحدود، وإن استوحش الناس منها واستشنعوها، لكنها بمثابة العلاج الوحيد لتقليل الجرائم، فهي العلاج الشافي النافع لعللهم، وإصلاح مجتمعهم ﴿قُلۡ هُوَ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ هُدٗى وَشِفَآءٞۚ وَٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ فِيٓ ءَاذَانِهِمۡ وَقۡرٞ وَهُوَ عَلَيۡهِمۡ عَمًى﴾ [فصلت: 44]. لأن من لا يكرم نفسه لا يكرم. ﴿وَمَن يُهِنِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِن مُّكۡرِمٍ﴾ [الحج: 18]. والـمضار الجزئية الفردية تُغتفَر في ضمن الـمصالح العمومية.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من " الحكم الجامعة (1) " / (6) فضل الإسلام ومَا يشتمل عَليه من المحَاسن والمصَالح العظام - المجلد (6)