الـمخلص الناصح والبصير الناقد يجب عليه أن يتثبت في الرد والنقد

(إن) الـمخلص الناصح والبصير الناقد يجب عليه أن يتثبت في الرد والنقد، وأن يقدر ضرورة الحال والـمحل، فلكل مقام مقال، والعلة تدور مع معلولها وجودًا وعدمًا، وتختلف الفتوى باختلاف الزمان والـمكان فيما لا يتعلق بأصول العقيدة والأركان، وقد جاءت هذه الشريعة السمحة بجلب الـمصالح وتكثيرها ودرء الـمفاسد وتقليلها، ومن قواعدها الـمعتبرة أنه إذا ضاق الأمر اتسع، والـمشقة تجلب التيسير، ويجوز ارتكاب أدنى الضررين لدفع أعلاهما، والحرج منفي عن الدين جملة وتفصيلاً، ما جعل الله عليكم في الدين من حرج، ﴿يُرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلۡيُسۡرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ ٱلۡعُسۡرَ﴾ [البقرة: 185]. لأن الدين عدل الله في أرضه ورحمته لعباده، شرع لإسعاد البشرية في أمورهم الروحية والجسدية والاجتماعية، ولو فكر العلماء بإمعان ونظر لوجدوا فيه الفرج والـمخرج من كل ما وقعوا فيه من الشدة والحرج، ومن صفة رسول الله ﷺ أنه ﴿...عَزِيزٌ عَلَيۡهِ مَا عَنِتُّمۡ حَرِيصٌ عَلَيۡكُم بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ رَءُوفٞ رَّحِيمٞ﴾ [التوبة: 128-129].
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " تحقيق المقال في جواز تحويل المقام لضرورة توسعة المطاف بالبيت الحرام " / الفصل الأول - المجلد (5)