وصول الناس إلى القمر ليس من الأمر المستحيل وقوعه
فهذا الخبر في وصول هؤلاء إلى القمر حاصله خبر شخص عن فعل نفسه، بما يقتضي مدحه ونجاحه في مهمة عمله سواء أكان صادقًا أو كاذبًا، فضجت بخبره الأصوات وتجاوبت به الإذاعات حتى صار كالخبر اليقين في نفوس الأكثرين.
ونحن بكلامنا هذا لا ننفي وصولهم إليه ولا نثبته إذ ليس من الأمر المستحيل وقوعه عند توفر الأسباب التي تؤهلهم إلى وصوله وإنما غايته أننا نستبعد إمكانيته، والاستبعاد للشيء لا ينفي وقوعه بالكلية، كما أن عدم العلم بالشيء ليس علمًا بعدمه، وكل شيءٍ مرهون بيقينه، ومن طبيعة الإنسان أنه إذا جَهِلَ شيئًا ولم يحط بعلمه ولم يقبله عقله فإنه يسرع بتكذيبه وذلك لا يغنيه من الحق شيئًا، فلو تحدث متحدث قبل اليوم أن أهل المشرق يتخاطبون مع أهل المغرب وأن من في بلدان أوروبا يتكلم مع من في نجد أو الحجاز بحيث يكلم أحدهما صاحبه بصوت جلي غير خفي وبينهما الجبال الشاهقة والبحار الواسعة والسحب المضطربة والأهوية المتقصفة كل هذه لم تعد حائلة دون سماع أحدهما لخطاب الآخر. فلو تحدث متحدث بذلك قبل وقوعه وقبل وقوف جميع الناس على حقيقته لما صدق به أحد، لاستبعادهم لإِمكانيته، ولن تسعَ عقولهم قبوله.