الله سبحانه لم يخاطب عباده بالإيمان إلا بعد أن رسخ الإيمان في قلوبهم

والله سبحانه لم يخاطب عباده بندائهم بالإيمان إلا بعد ما هاجروا إلى المدينة ورسخ الإيمان في قلوبهم، وانقادت للعمل به جوارحهم.. فناداهم الله سبحانه باسم الإيمان بقوله: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيۡكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ ١٨٣﴾ [البقرة: 183]. وهذه الآية إنما نزلت في أول السنة الثانية من الهجرة، ولا أدري هل نزل قبلها من جنسها شيء أم هي أول ما نزل؟ لهذا لا توجد هذه الصيغة -أي النداء بقوله: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ﴾ - إلا في السور المدنيات[116]. وكان قبل ذلك يناديهم بقوله: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ﴾ في السور المكيات، كما توجد في السور المدنيات أيضًا [117]. لهذا أنزل الله على رسوله وهو واقف بعرفة في السنة العاشرة من الهجرة قوله سبحانه: ﴿ٱلۡيَوۡمَ أَكۡمَلۡتُ لَكُمۡ دِينَكُمۡ وَأَتۡمَمۡتُ عَلَيۡكُمۡ نِعۡمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلۡإِسۡلَٰمَ دِينٗاۚ﴾ [المائدة: 3]، وإذا أفرد الإسلام دخل فيه الإيمان لكونه من لوازمه وكذا عكسه.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - القول السديد في تحقيق الأمر المفيد / [ المدرك السادس: الإسلام و الإيمان شيئان متباينان. وضعف هذا الرأي ] - المجلد 1