ينتشر الشر غالبًا بسبب فشوه ثم الاقتداء من بعض الناس لبعض فيه

إن الله سبحانه خلق الناس متفاوتين ولا يزالون مختلفين، فمنهم المسلم ومنهم الكافر، ومنهم البر ومنهم الفاجر، ومنهم الصالح ومنهم الفاسق، فمتى ترك الفاجر يتظاهر بكفره وإلحاده، والفاسق يتظاهر بفسقه وفساده بمرأى من الناس ومسمع، فإن هذا والله غاية الفساد للمجتمع، فإن الأخلاق تتعادى والطباع تتناقل، وإنما ينتشر الشر غالبًا بسبب فشوه ثم الاقتداء من بعض الناس لبعض فيه؛ لأن رؤية المنكرات تقوم مقام ارتكابها في سلب القلوب نور التمييز والإنكار، لأن المنكرات متى كثر على القلوب ورودها وتكرر في العين شهودها ذهبت عظتها من القلوب شيئًا فشيئًا، حتى يراها الناس فلا يرون أنها منكرات، ولا يمر بفكر أحدهم أنها معاصٍ، وذلك بسبب سلب القلوب نور التمييز والإنكار على حد ما قيل: إذا كثر الإمساس قل الإحساس، وغايتها أن يغرق الناس في الفساد على سبيل العدوى والتقليد الأعمى من بعضهم لبعض.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " الأخلاق الحميدة للمرأة المسلمة " - المجلد (4)