من ظن أن الله يديل الباطل على الحق إدالة مستمرة فقد ظن بالله ظن السوء

«إن الله لا يزال يغرس لهذا الدين غرسًا يستعملهم في طاعته ينفون عن الدين تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين»(رواه أبو داود من حديث أبي هريرة والحاكم في المستدرك) «وإن الله يبعث لهذه الأمة في رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها»( رواه أبو حاتم من حديث الخولاني.) وأن «مثل هذه الأمة مثل المطر كما يرجى الخير من أوله يرجى في آخره»( رواه الترمذي عن أنس قال. قال رسول الله ﷺ: «مثل أمتي مثل المطر لا يدري أوله خير أم آخره».) فكل هذه الآثار تدل على تقلب الأحوال وأن الدين لا يزال باقيًا دائمًا، فمن ظن أن الله يديل الباطل على الحق إدالة مستمرة قد ظن بالله ظن السوء، وهذه الآثار لا تنافي حديث «بدأ الإسلام غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ» فإن معناه أن الإسلام يكون في بعض الأحيان غريبًا ذليلاً ثم يكون عزيزًا منتشرًا كما قدمنا. ولا تزال المصارعة قائمة بين الحق والباطل والعاقبة للمتقين. والدين منصور وممتحن فلا تعجب فهذي سنة الرحمنِ فالعاقل لا يستوحش طرق الإسلام لقلة السالكين ولا يغتر بكثرة الملحدين التاركين للدين فإن الله تعالى يقول: ﴿وَمَآ أَكۡثَرُ ٱلنَّاسِ وَلَوۡ حَرَصۡتَ بِمُؤۡمِنِينَ ١٠٣﴾ [يوسف: 103]. ﴿سُبۡحَٰنَ رَبِّكَ رَبِّ ٱلۡعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ١٨٠ وَسَلَٰمٌ عَلَى ٱلۡمُرۡسَلِينَ ١٨١ وَٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ١٨٢﴾ [الصافات: 180-182].
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " حكمة التفاضل في الميراث بين الذكور والإناث " - المجلد (4)