الاختلاف في سبب دخول الضعف على الأمة
قد اختلف المؤرخون في سبب دخول هذا الضعف وبدايته فقيل: سببه إهمال الدعوة إلى الله والجهاد في سبيله والاعتياض عن هذا كله بالركون إلى الدنيا والاطمئنان فيها.
ويستدلون لذلك بما روى الإمام أحمد في مسنده وأبو داود في سننه عن ثوبان أن النبي ﷺ قال: «يوشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تداعت الأكلة على قصعتها». قالوا: يا رسول الله أومن قلة نحن يومئذ؟. قال: «لا ولكنكم غثاء كغثاء السيل ينزع الله مهابة عدوكم منكم ويسكنكم مهابتهم ويلقي الله في قلوبكم الوهن». قالوا: وما الوهن يا رسول الله قال: «حب الدنيا وكراهية الموت».
وقيل: إن سبب الضعف هو الإخلال بعدة الحرب وقوته التي تعين على تنفيذ الحق والإلزام به وتحمي حوزته من توثب الأعداء عليه.
وقيل: سببه من أجل الفتن الواقعة بين أمراء المسلمين فتسرب الأعداء إلى بلادهم في حال اضطرابهم وتحاربهم، وقد يلتجئ بهم من يرى أنه مغلوب على أمره فيقودهم إلى بلاد المسلمين.
وقيل: إنه من أجل التخصيص بالولاية لمن ليس بكفء ونبذ المشاورة الشرعية التي أمر الله بها.
وقيل: إنه من أجل الأئمة المضلين أي الأمراء المستبدين الذين التووا عن طريق الحق القويم والصراط المستقيم وتنكبوا طريق رسول الله ﷺ وخلفائه وأصحابه وألزموا الناس بمخالفة شريعة الدين فتبعهم الناس على ضلالهم وفساد اعتقادهم حتى صارت البدعة سنة والمنكر معروفًا، وهو نفس ما خافه النبي ﷺ على أمته حيث قال: «وإنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين». رواه البرقاني في صحيحه عن ثوبان.
ولعل هذه هي أعظمها ضررًا وأشدها خطرًا ومنه بدأ هذا النقص الواقع حتى اتسع الخرق على الراقع.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " حكمة التفاضل في الميراث بين الذكور والإناث " - المجلد (4)