تطور الأسلحة في العصر الحديث

إن كل عاقل سيدرك معي عظمة الفرق بين قتال المتقدمين وسلاحهم وبين المتأخرين، وإن صناع هذا العصر قد اختلقوا سلاحًا فتاكًا على اختلاف أنواعه، لا يُبقي ولا يَذر، وهو غلق صعب لا يعرفه إلا من اعتاد التمرن على مزاولته؛ لأن كثرة المزاولات تعطي الملكات، ويهدد بالقضاء على البشر لارتقاء أهله في العلوم المادية وهبوطهم في الأخلاق الدينية. وإن من المعلوم اليقيني أن الدول الكبرى لشعوب هذه الحضارة أشد جناية عليهم وعلى الإنسانية من جناية عدوهم عليهم، إذ إن توسعهم في العلوم والفنون واختراع الأسلحة الثقيلة التي يستعدون بها للحروب الكبيرة التي يدمرون بها في الأيام القليلة صروح العمران ومشيد البنيان من كل ما شيدته العصور الطويلة، وناهيك باختراع القنبلة الذرية التي تقضي بفناء الملايين من الآدميين المسالمين غير المحاربين من بين النساء والحوامل والشيوخ والأطفال والبهائم، وتفسد الحرث والنسل، ونزفها لمعظم ثروة الشعوب في سبيلها، وفي سبيل ظلمها للشعوب التي ابتليت بالسلطان الجائر الذي يحاول سلبهم حريتهم في دينهم ودنياهم، وصارت الدول الكبرى التي اخترعت هذه الأدوات اليوم هم أشد خوفًا على أمتهم، وقد وقع بهم وسيقع في مستقبل الأمر ما حذرهم ربهم من وقوعه بقوله: ﴿وَلَا يَزَالُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ قَارِعَةٌ أَوۡ تَحُلُّ قَرِيبٗا مِّن دَارِهِمۡ﴾ [الرعد: 31]. لكون هذا السلاح موضوعًا للبيع ويتسرب أكثره إلى البلدان العربية.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - الجندية وعموم نفعها وحاجة المجتمع لها - المجلد (3)