الشهادة أمانة، وأول ما يفقد الناس من دينهم الأمانة
وقد أمضى النبي ﷺ شهادة ابن عمر وشهادة الأعرابي الصحابي، لمّا وقف على حقيقة صدقهما، غير أنه لم يكن مراد النبي ﷺ أنه متى شهد شاهدان مجهولان على رؤية الهلال وجميع الناس لم يروه أنه يجب إمضاؤه وتكليف الناس بالعمل بشهادتهما على قرب الديار وبعدها، فهذا لم يكن مرادًا منه أبدًا. والشهادة أمانة. وأول ما يفقد الناس من دينهم الأمانة وآخر ما يفقدون من دينهم الصلاة، ومعلوم فقدان أكثر الناس في هذا الزمان لعمود دينهم وأمانة ربهم، فضلاً عن فقدان أماناتهم واستخفافهم بشهاداتهم، وقد أخبر النبي ﷺ بهذا الأمر قبل وقوعه، كما في الصحيحين عن عمران بن حصين، أن النبي ﷺ قال: «خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم» - لا أدري أذكر مرتين أو ثلاثًا - «ثم يجيء قوم يشهدون ولا يُستشهدون، ويخونون ولا يؤتمنون، وينذرون ولا يوفون، ويظهر فيهم السمن».
ففي هذا الحديث الإشارة إلى استخفاف الناس في آخر الزمان بالشهادة، وأنهم يشهدون بما لم يشاهدوه وبما لم يحيطوا بعلمه.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - اجتماع أهل الإسلام على عيد واحد كل عام وبيان أمر الهلال وما يترتب عليه من الأحكام / الحكم في إثبات رمضان دخولاً وخروجًا - المجلد (2)