سهولة السفر والأمن من أسباب تزايد الحجاج في هذا الزمن
أما الآن وفي هذا الزمان، فقد قصرت المسافات وسهلت المواصلات، ودكت عقبات التعويق وقطع دابر قطاع الطريق، وزد عليه حصول الأمن المستتب في أنحاء الحرم وسائر السبل المفضية إليه حتى إن الناس فيه آمَنُ منهم في أوطانهم، فمن أجله وفد الناس إلى الحج من كل فج، فأقبلوا إليه يجأرون وهم من كل حدب ينسلون وفي كل زمان يزيدون فاشتد الزحام عند هذا المقام وشق الرمي على الخاص والعام، من أجل أن الفقهاء حددوه بما بين الزوال إلى الغروب، وهو لا يسع الخلق الكثير فصار من تكليف ما لا يستطاع، وأن القول به مستلزم للعجز عنه في هذا الزمان. والله لا يكلف نفسًا إلا وسعها، ومن المعلوم أن للفقهاء - رحمهم الله - تحديدات وتقييدات يستيقن العلم الصحيح نفيها، ويقوى في القياس ضعفها، كما حددوا مسافة السفر المبيح للقصر بيومين، وكما حددوا الإقامة الموجبة لإتمام الصلاة بأربعة أيام، وكما حددوا صحة الجمعة بحضور أربعين من أهل وجوبها، إلى غير ذلك من التحديدات والتقييدات التي لا أصل لها.
وتحديد الرمي بما بين الزوال إلى الغروب هو نوع من ذلك.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - يسر الإسلام في أحكام حج بيت الله الحرام / اتفاق أئمة المذاهب على القول بالرمي أيام التشريق بعد الزوال - المجلد (2)