عمل الناس للشيء لا يدل على صحته في الشرع
أما قوله (الشيخ عبد العزيز بن رشيد): بأنني حاولت رد كلام علماء الـمسلمين في الـموضوع.
فالجواب: إن هذه شكاة قد ذهب عنا عارها، فالاحتجاج بمخالفة عمل الناس هي دعوى داحضة وحجة غير ناهضة، لأن عمل الناس للشيء لا يدل على صحته في الشرع، كما أن عدم علمهم بالشيء لا يدل على بطلانه في الشرع وكل شيء مرهون بدليله، لأن العبادة هي ما أمر به الشارع حكمًا من غير اطراد عرفي ولا اقتضاء عقلي، وقد خالف شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله- أئمة الـمذاهب الأربعة فيما يزيد على سبع عشرة مسألة مشهورة لدى أهل العلم والـمعرفة، ولا يعد انفراده بها شذوذًا، ومثله الشيخ محمد بن عبد الوهاب، إمام الدعوة، فقد خالف شيخ الإسلام ابن تيمية وخالف الأئمة الأربعة، في بطلان الوقف على الذريّة وسماه: الوقف الجنف، ووقف الجور، واستدل على بطلانه بقوله ﷺ: «إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِى حَقٍّ حَقَّهُ فَلاَ وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ»، وهذا يدخل في عموم الوصية للوارث، لأن فيه حجرًا لفرائض الله، إذ هو بمثابة الـملك الـمختص، فهذا ملخص قوله، قد خالف به سائر العلماء قبله ولن يقدح في إمامته مخالفته لهم، ونحن نرى أنه أسعد بالصواب منهم لدخول هذا الوقف في عموم الوصية للوارث، ولأن الوقف بهذه الصفة يعتبر جرثومة خصام وتقاطع أرحام، ويحدث الإحن والشحناء بين الإخوان، فمن أحب أن يخلف لعياله مشكلة يتقاطعون عليها الأرحام، ويستمر بينهم فيها النزاع والخصام، فليخلف لهم وقفًا عليهم، ونهاية الأمر أنه يتغلب عليه أقواهم وأجلدهم ويطرد الباقين.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة "مباحث التحقيق مع الصاحب الصَّدِيقِ " / فصل في الرد على ادعاءات الشيخ عبد العزبز بن ناصر - المجلد (5)