إنه ما من إجماع إلا وفيه خلاف

إنه ما من إجماع إلا وفيه خلاف فيما يتعلق بالأحكام وأُمور الحلال والحرام، وليس معنى الإجماع أنه الإحاطة بجميع أقوال العلماء في مشارق الأرض ومغاربها، فإن هذا من الأمر المتعذر ولا يمكن إدراكه. أما الإجماع عند الفقهاء فإنه عبارة عن إجماع أئمة المذاهب الأربعة، فيجمعون على قول أو فعل، فقد يكون إجماعهم صحيحًا وقد يكون الصحيح في خلافه. وقد عرض شيخ الإسلام على علماء المسلمين سبع عشرة مسألة خرق فيها الإجماع ولم يعنفه فيها أحد من العلماء، بل رجع الكثير من علماء المذاهب إلى العمل ببعض اختياراته التي خرق بها الإجماع؛ من ذلك أن أئمة المذاهب الأربعة أجمعوا على أن الطلاق بالثلاث متى وقع بلفظ واحد فإنه يصير طلاقًا بائنًا لا تحل لمطلقها إلا بعد نكاح زوج غيره، وجرى العمل بهذا زمنًا طويلاً في أكثر المحاكم الشرعية الإسلامية. ثم إنه ترجح لهم بعدُ صحةُ قول شيخ الإسلام ابن تيمية حيث أفتى بجعله عن واحدة وأنه هو الإجماع زمن الصحابة وأبي بكر وصدرًا من خلافة عمر. ويقول شيخ الإسلام: إنه لا يزال يوجد من يفتي به من العلماء عن واحدة في كل زمان. وفي النهاية استقر عمل الناس على الحكم به في سائر المحاكم الشرعية وسائر البلدان العربية ما عدا المملكة السعودية.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " الرد على المشتهري بشأن اللحوم المستوردة " / شبهة الإجماع وردها - المجلد (4)