بيع الوفاء بعيد في القياس عن مشابهة التأمين على الحياة
من ذلك استدلالهم(أي استدلال المبيحين لعقد التأمين على الحياة) ببيع الوفاء، وهو أجنبي عن البحث في الحقيقة والمعنى فلا يمت إليه بصفة ولا صلة.
وصفته عند الأحناف هو أن يضع الرجل عقاره الذي تساوي قيمته ألفًا أو ألفين فيضعه عند رجل في خمسمائة أو أكثر ويكتب عليه بيع وفاء، يريدون من هذه التسمية أن يستحل المرتهن غلة هذا العقار ما دام باقيًا في يده بدون أن يرجع عليه مالكه في شيء من قيمة غلته في مقابلة ما ينتفع صاحبه بالدراهم، وإذا تحصل صاحب العقار على النقود استرجع عقاره بدون منازعة، لاعتقاد الجميع بأنه باق على ملك صاحبه.
وقد حدث هذا التعامل بهذه الصفة في بلدان فارس، قيل: في القرن الخامس. وأفتى الكثير من الفقهاء بكونه رهنًا لا ينصرف إلى غيره وإن سموه بيعًا لكون الاعتبار في العقود بالمقاصد وهما لم يقصدا التبايع الحقيقي وهذا هو الصحيح؛ لأنهما إنما قصدا بهذه التسمية محض التوثقة واستباحة الغلة فقط، والأسماء لا تغير الأشياء عن حقائقها.
ثم إنه على فرض صحة ما ذكروا من أنه بيع مستقل بحالته وعلى صفته، فإنه مخالف للقياس في صيغ البيوع الصحيحة وما خالف القياس لا يقاس عليه عند أهل الأصول، مع كونه بعيدًا في القياس عن مشابهة التأمين على الحياة.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " أحكام عقود التأمين ومكانها من شريعة الدين " / التأمـين على الحيـاة وبيان بطلانه بالبراهين والبيانات - صفة عقد التأمين على الحياة || المجلد (4)