بيان مراتب الدعوة إلى الله
احتج الكاتب (صاحب كتاب "الجهاد في الإسلام بين الطلب والدفاع") بما رواه مسلم عن بريدة أن النبي ﷺ كان إذا أمر أميرًا على جيش أو سرية أوصاه في خاصة نفسه بتقوى الله وبمن معه من المسلمين خيرًا، ثم يقول: «اغزوا باسم الله، وفي سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدًا، وإذا لقيت عدوك من الكفار فادعهم إلى ثلاث خصال: ادعهم إلى الإسلام فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، فإن أبوا فادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين، فإن أبوا فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله ورسوله، فإن أبوا فاسألهم الجزية، فإن هم أبوا فاستعن بالله وقاتلهم».
ففي هذا الحديث بيان مراتب الدعوة إلى الله وأنها تكون بالأسهل فالأسهل لقول الله سبحانه: ﴿ٱدۡعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلۡحِكۡمَةِ وَٱلۡمَوۡعِظَةِ ٱلۡحَسَنَةِۖ وَجَٰدِلۡهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُ﴾ [النحل: 125]. فبدأ في هذا الحديث بدعوتهم إلى دين الإسلام فإن هم أبوا دعاهم إلى النقلة إلى دار المهاجرين ليختلطوا بالمسلمين ويسمعوا القرآن ويرون كيفية الصلاة والمصلين مع بقائهم على كفرهم؛ لأن هذا أعون على هدايتهم وإسلامهم ولم يقل: إن هم أبوا الإسلام فقاتلهم. ثم ادعهم إلى أن يكونوا كأعراب المسلمين فإن هم أبوا فاسألهم الجزية.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - الملحق بكتاب الجهاد المشروع في الإسلام / "فصـل [في تفسير حديث: «أمرت أن أقاتل الناس...»]" - المجلد (3)