القول بأن المسلمين هم المبتدئون بالقتال غلطة كبيرة

وأقول: إن هذه الغلطة الكبيرة (القول بأن المسلمين هم المبتدئون) إنما نشأت عن نقص علم وقصور فهم أراد بها تعزيز رأيه (أي الشيخ صالح اللحيدان) فيما يعتقده من أن الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه يقاتلون جميع الناس حتى يسلموا، وليس السبب عدوان من يقاتلهم؛ لأنه يعتمد في نقله على ما يعتقده في نفسه بدون رجوع منه إلى صحيح المنقول وبدون فقه منه في سبب غزوات الرسول، ويظهر منه أنه بطيء العهد بتعاهد القرآن الذي فيه تفصيل هذه القضية على الجلية بأحسن تبيان، فإن به تحقيق بداية المشركين بالعدوان، إذ إن هذا الأمر اليقينُ الذي يرتفع عن مجال الشك والإشكال لثبوته بمقتضى الدليل والبرهان والسنة والقرآن، وكلما بعد الإنسان عن تدبر القرآن ضعفت حجته، فمن قال: إن الرسول هو البادئ بالقتال بدون سبب يوجبه من المشركين. فقد أعظم الفرية عليه، وقال بما لم يحط بعلمه، ويخشى من تعدي غلطه إلى بعض من يسمعه من جهلة العوام وضعفة العقول والأفهام؛ فيظنونه حقًّا وهو في الحقيقة باطل. وسنورد من الدلائل النقلية والبراهين الجلية ما يزيل اللبس عن هذه القضية حتى تكون جلية للعيان وحتى لا يختلف فيها اثنان، وليس من شأن الباحث أن يُفهم من لا يريد أن يفهم.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - الملحق بكتاب الجهاد المشروع في الإسلام / " المقدمة" - المجلد (3)