طلاق فاطمة بنت قيس وقع دفعات، فلا دليل فيه على الطلاق بالثلاث دفعة واحدة
قال الكاتب ( الشيخ محمد أمين الشنقيطي رحمه الله ):
(إن عدم النفقة والسكنى لا يتوقف على عدم الطلاق، وأوضح دليل على ذلك ما صح عنهﷺ من حديث فاطمة بنت قيس، أنها طلقها زوجها آخر ثلاث تطليقات، فلم يجعل لها رسول اللهﷺ نفقة ولا سكنى. أخرجه مسلم في صحيحه وهو نص صحيح صريح في أن البائن بالطلاق لا نفقة لها ولا سكنى).
فالجواب: أن هذا الكاتب يحوم حول جواز إيقاع الطلاق بالثلاث جميعًا مع سقوط النفقة والكسوة والسكنى والرجعة، لكون صحة وقوع الطلاق لا يستلزم وجوب النفقة والسكنى بزعمه. ويستدل لذلك بحديث فاطمة بنت قيس الذي رواه مسلم وأهل السنن، أنها طلقها زوجها ثلاثًا فلم يجعل لها رسول الله ﷺ نفقة ولا سكنى. فهو عند الأئمة الذين يجيزون الطلاق بالثلاث بلفظة واحدة ويسمونها مبتوتة كما قيل:
مبتوتة الطلاق لا سكنى لها
إلا على زوج إذا أحبلها
ويستدلون على ذلك بهذا الحديث.
والجواب عنه يعرف من فحوى لفظه، فإن حديث فاطمة بنت قيس يفيد أنه أرسل لها زوجها وهو باليمن آخر ثلاث تطليقات، مما يدل على أنه الإجماع السابق في الطلاق، وهو أن يكون مرة بعد مرة في خلال الأقراء، فطلاق فاطمة بنت قيس ولو ذكره العلماء والمصنفون بلفظ الثلاث فإنه وقع دفعات حسب الطلاق الشرعي، فآخر طلقة أرسلها لها وهو باليمن، وأمر وكيله بأن يذهب لها بشعير وتمر، فسخطته وذهبت إلى رسول الله ﷺ تشكوه، فقال رسول اللهﷺ: «إنه ليس لك عليه نفقة» وهذا هو الواقع المطابق للحق والعدل.
فقد أصبحت فاطمة بنت قيس بائنة من زوجها بالطلقة الثالثة بينونة كبرى، فلا نفقة لها ولا سكنى، ولا تحل لزوجها الأول أبي حفص بحال إلا بعد نكاح زوج غيره.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " الحكم الشرعي في الطلاق السني والبدعي " / نفقة المطلقة وسكناها || المجلد (2)