الرد على من يقول بوجود مسلم ليس بمؤمن

ثم إننا رأينا من يقول بوجود مسلم ليس بمؤمن، ويستدل بقوله سبحانه: ﴿ثُمَّ أَوۡرَثۡنَا ٱلۡكِتَٰبَ ٱلَّذِينَ ٱصۡطَفَيۡنَا مِنۡ عِبَادِنَاۖ فَمِنۡهُمۡ ظَالِمٞ لِّنَفۡسِهِۦ وَمِنۡهُم مُّقۡتَصِدٞ وَمِنۡهُمۡ سَابِقُۢ بِٱلۡخَيۡرَٰتِ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَضۡلُ ٱلۡكَبِيرُ ٣٢ جَنَّٰتُ عَدۡنٖ يَدۡخُلُونَهَا يُحَلَّوۡنَ فِيهَا مِنۡ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٖ وَلُؤۡلُؤٗاۖ وَلِبَاسُهُمۡ فِيهَا حَرِيرٞ ٣٣ وَقَالُواْ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِيٓ أَذۡهَبَ عَنَّا ٱلۡحَزَنَۖ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٞ شَكُورٌ ٣٤ ٱلَّذِيٓ أَحَلَّنَا دَارَ ٱلۡمُقَامَةِ مِن فَضۡلِهِۦ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٞ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٞ ٣٥ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمۡ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقۡضَىٰ عَلَيۡهِمۡ فَيَمُوتُواْ وَلَا يُخَفَّفُ عَنۡهُم مِّنۡ عَذَابِهَاۚ كَذَٰلِكَ نَجۡزِي كُلَّ كَفُورٖ ٣٦﴾ [فاطر: 32-36]. وهذا الاستدلال واقع في غير موقعه الصحيح، فإن هؤلاء الأقسام كلهم في الجنة بفحوى القرآن، والدلائل من السنة. ومن قال من العلماء، إن هؤلاء الأقسام الثلاثة، هم بمثابة الأقسام الثلاثة المذكورين في سورة الواقعة وهم: أصحاب الميمنة، وأصحاب المشأمة والسابقون السابقون، فقوله خطأ، إذ الآيات في سورة الواقعة صريحة، لأن أصحاب المشأمة: هم أهل النار بالنص الثابت بقوله سبحانه في آخر سورة الواقعة: ﴿فَأَمَّآ إِن كَانَ مِنَ ٱلۡمُقَرَّبِينَ ٨٨ فَرَوۡحٞ وَرَيۡحَانٞ وَجَنَّتُ نَعِيمٖ ٨٩ وَأَمَّآ إِن كَانَ مِنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلۡيَمِينِ ٩٠ فَسَلَٰمٞ لَّكَ مِنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلۡيَمِينِ ٩١ وَأَمَّآ إِن كَانَ مِنَ ٱلۡمُكَذِّبِينَ ٱلضَّآلِّينَ ٩٢ فَنُزُلٞ مِّنۡ حَمِيمٖ ٩٣ وَتَصۡلِيَةُ جَحِيمٍ ٩٤﴾ [الواقعة: 88-94]. فهذه الآية الصريحة في كون القسم الثالث، الذين هم أصحاب المشأمة، هم من الكافرين، المكذبين بالقرآن وبالرسول، بخلاف الآية التي نحن بصدد تفسيرها من سورة فاطر. وأن الأقسام الثلاثة كلهم من أُمة محمد ﷺ ومن أهل الجنة، كما حقق ذلك ابن عباس في تفسيره، وعائشة أم المؤمنين، حين سئلت عن تفسير هذه الآية.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - تثقيف الأذهان بعقيدة الإسلام والإيمان / " انقلاب الإيمان نورًا لأهله يوم القيامة " - المجلد (1)