تعلل أهل الجهل بالقضاء والقدر
إن القضاء والقدر قد ضل فيه خلق من البشر، حيث حملوه على غير المعنى المراد منه، فتفرقوا فيه شيعًا ﴿مِنَ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمۡ وَكَانُواْ شِيَعٗاۖ كُلُّ حِزۡبِۢ بِمَا لَدَيۡهِمۡ فَرِحُونَ ٣٢﴾ [الروم: 32].
﴿كَانَ ٱلنَّاسُ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ فَبَعَثَ ٱللَّهُ ٱلنَّبِيِّۧنَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ لِيَحۡكُمَ بَيۡنَ ٱلنَّاسِ فِيمَا ٱخۡتَلَفُواْ فِيهِۚ وَمَا ٱخۡتَلَفَ فِيهِ إِلَّا ٱلَّذِينَ أُوتُوهُ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَتۡهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُ بَغۡيَۢا بَيۡنَهُمۡۖ فَهَدَى ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لِمَا ٱخۡتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ ٱلۡحَقِّ بِإِذۡنِهِۦۗ وَٱللَّهُ يَهۡدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٍ ٢١٣﴾ [البقرة: 213]. وقد صار من سيما الملاحدة - أهل الجدل- شدة اللحاح في السؤال عن القضاء والقدر، لا لأجل الاستفادة والاستفسار عن الحق وإنما هو لأجل التضليل به والتشكيك فيه، فعندما تلقى أحدهم فإنه يبادرك بالسؤال عن القدر لكونهم وجدوا فيه -لظنهم- نوعًا من العذر لهم في إسقاط الواجبات وارتكاب المنكرات وشرب المسكرات. حتى إذا أمرت أحدهم بالخير أو نهيته عن الشر قال: هذا أمر كتبه الله علي. يريدون أن يلقوا جريمتهم على كاهل القضاء والقدر، لاعتقادهم أن القضاء والقدر بمثابة الغل في أعناقهم والقيد في أرجلهم، وحجتهم به داحضة عند ربهم؛ لأنهم على طريقة المُجْبِرة فما أذنب القضاء والقدر ولكنهم المذنبون ﴿يُجَٰدِلُونَكَ فِي ٱلۡحَقِّ بَعۡدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى ٱلۡمَوۡتِ وَهُمۡ يَنظُرُونَ ٦﴾ [الأنفال: 6].
وقد يتجارى بهم الهوى والتوسع في فنون الفجور فيقولون: كيف يكتب الرب علينا الشقاء ثم يعذبنا بالنار؟!
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - الإيمان بالقضاء والقدر على طريقة أهل السنة والأثر / " [جدال الملاحدة بالقدر لصد الناس عن الدين بوقوع الشك فيه] " - المجلد (1)