عداوة المسلمين ومنعهم من نشر الدعوة اعتداء عليهم
أما إذا نصبت لهم (للمسلمين) المدافع ووجهت نحوهم أفواه البنادق، وسلت في وجوههم السيوف، ومنع الدعاة منعًا باتًّا من حرية نشر الدعوة، ومن الاتصال بالناس في إبلاغها، ودعوة الناس إلى دين الله الذي فيه سعادة البشر كلهم في دنياهم وآخرتهم، فمتى منعوا ذلك، فإنهم يعتبرون معتدين على الدين وعلى الخلق أجمعين بمنعهم الخلق عن سماع الحق واتباعه، وبذلك يعتبر المسلمون مكلفين من الله باقتحام كل شدة ومشقة، وخوض كل خطر وضرر في سبيل الله وفي سبيل إبلاغ دين الله حتى يزول المنع والاضطهاد والفتنة عن الدين، يقول الله سبحانه: ﴿وَقَٰتِلُوهُمۡ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتۡنَةٞ وَيَكُونَ ٱلدِّينُ لِلَّهِۖ فَإِنِ ٱنتَهَوۡاْ فَلَا عُدۡوَٰنَ إِلَّا عَلَى ٱلظَّٰلِمِينَ ١٩٣﴾ [البقرة: 193]. نظيره قوله: ﴿... فَإِن قَٰتَلُوكُمۡ فَٱقۡتُلُوهُمۡۗ كَذَٰلِكَ جَزَآءُ ٱلۡكَٰفِرِينَ ١٩١﴾ [البقرة: 191]. فتضمنت هاتان الآيتان من سورة البقرة الغاية من انتهاء القتال وهو أننا نقاتلهم حتى يكفوا عن فتنتنا في ديننا، كما كانت قريش تفتن كل من آمن، وحتى يكفوا عن قتالنا فنكف عن قتالهم و «حتى» لانتهاء الغاية بحيث يكون ما بعدها نقيضًا لما قبلها، ولم يقل سبحانه: وقاتلوهم حتى يسلموا. لكون الإسلام هداية اختيارية لا إكراه فيها بنص القرآن في قوله سبحانه: ﴿لَآ إِكۡرَاهَ فِي ٱلدِّينِ﴾ [البقرة: 256]. وقوله: ﴿وَلَوۡ شَآءَ رَبُّكَ لَأٓمَنَ مَن فِي ٱلۡأَرۡضِ كُلُّهُمۡ جَمِيعًاۚ أَفَأَنتَ تُكۡرِهُ ٱلنَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُواْ مُؤۡمِنِينَ ٩٩﴾ [يونس: 99].
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - الملحق بكتاب الجهاد المشروع في الإسلام / "[فصـل في الرد على صاحب الكتاب]" - المجلد (3)