ليس من الدين التخلي عن المال وترك السعي والكسب للعيال
فليس من الدين أن يتخلى الإنسان عن المال وعن السعي والكسب للعيال، ويلزم زاوية من زوايا المسجد الحرام أو مسجد المدينة، يتبتل فيه للعبادة وينقطع عن البيع والشراء والأخذ والعطاء، كما يفعله الرهبان وبعض الدراويش، فقد جاء أناس من الصحابة إلى النبي ﷺ يستأذنونه في أن يبيعوا عقارهم وما لهم ويشتروا بثمنها سلاحًا وخيلاً يجاهدون عليها في سبيل الله، فنهاهم رسول الله عن ذلك وقال: «أمسكوا عليكم أموالكم ولا تفسدوها»، وأراد بعض الصحابة أن يتصدق بماله كله، فردَّ رسول الله صدقته؛ لأن المال ترس المؤمن في آخر الزمان، ولا يُستغنى عنه في حال من الأحوال، وأن الكريم على الإخوان ذو المال، وكل ما تسمعونه في القرآن أو في الحديث من ذم الدنيا أو ذم المال، فإنما يقصد به ذم أفعال بني آدم السيئة في المال لا المال نفسه؛ لأن الطاعة هي همّة التقي، ولا يضره لو تعلقت جميع جوارحه بحب الدنيا، لكون المسلم يشتغل في الدنيا بجوارحه وقلبه متعلق بالعمل لآخرته، فيحصّل الحسنيين ويفوز بالسعادتين، فتكون أعماله بارة وأرزاق الله عليه دارة، ﴿أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَاهُمُ ٱللَّهُۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمۡ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ ١٨﴾ [الزمر: 18].
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - الاشتراكية الماركسية ومقاصدها السيئة / " دين الإسلام ليس بدين رأسمالي ولا بدين اشتراكي " - المجلد (3)