العجز والكسل آفتان من شر الآفات

وإن أشد ما يبتلى به الشاب هو العطالة والبطالة اللتان ينشأ عنهما العجز، ثم حديثه نفسه بأنه لا يستطيع هذا العمل لمشقته، أو لا يستطيع عمل هذه الصنعة لمشقتها، أو لا يستطيع الجهاد والتمرن على وسائل القتال لصعوبتها وخطر النفس فيها، أو لا يستطيع التجند لصعوبته، وغير ذلك من حديث النفس الذي يقضي على الشخص بالمهانة والحرمان، وكل هذا نتيجة العجز الذي استعاذ النبي ﷺ منه بقوله: «اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل». وهو لا يستعيذ إلا من الشر، وقد قيل: العجز ضرٌّ وما بالحزم من ضررٍ وأحزمُ الحزمِ سوءُ الظن بالناسِ لا تترك الحزم في أمرٍ تُحاوله فإن أَمنْتَ فما بالحزم من باسِ ولقد رأينا شعراء العرب يجعلون الميل إلى الراحة زراية ومذمة، كما قيل: دع المكارم لا ترحل لبغيتها واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي ولما أنشد الشاعر هذا البيت، شكاه المقول فيه إلى عمر، قال عمر: يا حسان، هل هذا البيت مدح أو قدح؟ فقال حسان: يا أمير المؤمنين، ما ذمه ولكنه سلح على رأسه. فدعا به عمر فجلده الحد. ومثله هجاء جرير لقوم حين يقول: إني رأيت من المكارم حسبكم أن تلبسوا خَزَّ الثياب وتشبعوا فالاشتغال بتنويع الثياب وتعديلها وتبديلها هو شغل شاغِل عن المكارم، ولا ينافي هذا حديث «إن الله جميل يحب الجمال» ولكن كل ما خرج عن حده فإنه يقع في ضده.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - الجندية وعموم نفعها وحاجة المجتمع لها - المجلد (3)