تغيير المسجد الحرام والمسجد النبوي أعظم من تغيير مكان المقام

(إن) الإنسان طائش بطبعه إذا جهل شيئًا أسرع بإنكاره، وذلك لا يغنيه من الحق شيئًا، وإلا فإن هذا التحويل (يعني تحويل المقام عن محله) يجري مجرى التصرف في الـمسجد الحرام بتوسعته، وكذا الـمسجد النبوي الذي بناه رسول الله بيده، فالقائل بتحريم تحويل الـمقام ووجوب بقائه على حالة ما كان عليه زمن النبي ﷺ يلزمه أن يقول بتحريم التصرف في الـمسجد الحرام وتحريم التصرف في الـمسجد النبوي الذي بناه رسول الله ﷺ بيده، إذ هما أعظم حرمة منه، ومن الـمعلوم أن بقاء الـمقام على حاله مع توسعة الـمطاف من جميع جهاته أنها تتضاعف الإصابات منه بحيث إن الطائفين لكثرتهم يظلل بعضهم دون بعض فيسقطون عليه بدون أن يروه وربما دفع بعضهم بعضًا بالعنف والشدة إليه، وهو حجر وقد ضرب عليه بصندوق حديد، وبهذا السبب يتزايد خطره، وربما تكثر وفياته وضرره، وزوال الدنيا بأسرها أهون على الله من قتل رجل مسلم، ولما طاف النبي ﷺ بالبيت قال: «مَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ وَإن حُرمة الـمسلم عِنْدَ اللَّهِ أَعْظَمُ مِن حُرمتك، مَالِهِ وَدَمِهِ وَأَلا يظُنَّ بِهِ إِلاَّ خَيْرًا».
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " تحقيق المقال في جواز تحويل المقام لضرورة توسعة المطاف بالبيت الحرام " / الفصل الثاني عشر - المجلد (5)