الشريعة منزهة عن أن تنهـى عن شيء لمفسدة ثم تبيح ما هو مشتمل على تلك المفسدة أو أزيد منها

فالشريعة منزهة عن أن تنهـى عن شيء لمفسدة راجحة أو متأكدة فيه، ثم تبيح ما هو مشتمل على تلك المفسدة أو أزيد منها في النقود المبدلة عن الذهب والفضة؛ فإن الله سبحانه على لسان نبيه أوجب الحلول والتقابض في بيع الدنانير بالدراهم، ونهى عن بيع بعضها ببعض نسيئة رحمة منه بأمته. وكل ثمن لم يقبض في الحال فإنه يعد نسيئة ويدخل في عموم النهي؛ لهذا نرى بعض الناس يتحايل من أجل التوصل إلى هذا الأمر المحرم وإباحة تعاطيه بجعل هذه النقود بمثابة العروض التي يسوغ بيع بعضها ببعض نسيئة، وخفي عليهم أن حكم النظير حكم نظيره إيجابًا ومنعًا. فمتى كان الأمر بهذه الصفة، فإن بيع أوراق العُمَلِ بعضها ببعض نسيئة هي نفس ما نهى عنه رسول الله ﷺ من بيع الدراهم بالدنانير نسيئة. وهذا النهي إنما صدر من الشارع الحكيم الذي ﴿عَزِيزٌ عَلَيۡهِ مَا عَنِتُّمۡ حَرِيصٌ عَلَيۡكُم بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ رَءُوفٞ رَّحِيمٞ ١٢٨﴾ [التوبة: 128].
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " مَحقُ التبايع بالحرام وسوء عاقبته " / ذكرى في تحريم الربا لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد - المجلد (4)