من القواعد المقررة جواز ارتكاب أدنى الضررين لدفع أعلاهما

يبقى الكلام فيما إذا كانت الحاجة أو الطريق يستدعي التعرّض لقبور كثيرة، فهل الأولى نبشها ونقل العظام إلى مكان آخر، أو تسطيحها ويبقى الميت على حاله في محله؟ فالجواب أنه من القواعد المقررة جواز ارتكاب أدنى الضررين لدفع أعلاهما، ومن المعلوم أن نبش القبور فيه شيء من البشاعة، بحيث تنفر منه طباع الناس ويعدونه هتكًا لحرمة الميت، أما تسويتها والانتفاع بسطحها، فإنه ألطف وأستر، وأما نبش النبي ﷺ لقبور المشركين فإنه قد أعده مسجدًا فلزم تطهيره من قبورهم، وكذلك الصحابة في قبور الشهداء في إجراء عين حمزة، فإنهم حفروا المجاري فوصلت إلى القبور وهم رطاب لم ينتنوا، فلزم نبشهم ونقلهم إلى مكان آخر، وليس كذلك الطريق حينما يتعرّض للقبور، فإن استبقاء الميت على حاله في محله مع الانتفاع بسطح قبره لا يضر بكرامته ولا يهتك حرمته، وفيه الجمع بين مصلحة الحي والميت.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " جواز الاقتطاف من المسجد والمقبرة " / المقابر - المجلد (4)