تفاضل الناس في الرزق رحمة

قول بعضهم: إن العدل هو الشيء المتناسق، والظلم الاجتماعي ضد التناسق، يشير بهذا إلى الاعتراض على الله في حكمه، حيث فضل بعض الناس على بعض في الرزق. ويُسمي هذا التفاضل ظلمًا، لا يثنيه وجل، ولا يلويه خجل، وقد قيل: نجوم الظاهر، تدل على خبث الباطن، وقبح الجفا ينافي الحفا، وسبق حكم الله حكم الاشتراكيين ﴿وَلَوِ ٱتَّبَعَ ٱلۡحَقُّ أَهۡوَآءَهُمۡ لَفَسَدَتِ ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلۡأَرۡضُ وَمَن فِيهِنَّ بَلۡ أَتَيۡنَٰهُم بِذِكۡرِهِمۡ فَهُمۡ عَن ذِكۡرِهِم مُّعۡرِضُونَ ٧١﴾ [المؤمنون: 71]. والله سبحانه خلق الناس متفاوتين في الخلق والرزق؛ لتتم وتنتظم بذلك مصالحهم، فيخدم الغني الفقير، بحيث يجلب إليه كل ما يحتاجه من الحاجات، من كل صغير وكبير، لا يستطيع الفقير الإتيان بها، كما أن الفقير يخدم الغني فيما هو من اختصاص عمله، فتنتظم بذلك مصالح الجميع، ويعيشون متساعدين متكافلين. والناس للناس من بدو وحاضرة بعض لبعض وإن لم يشعروا خدَمُ لأن الله سبحانه لو أغنى الخلق كلهم لأفقرهم كلهم، ولكن رحمته بهم قضت تفاوتهم في الغنى والفقر، يقول الله تعالى: ﴿وَٱللَّهُ فَضَّلَ بَعۡضَكُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖ فِي ٱلرِّزۡقِ﴾ [النحل: 71]. وقال: ﴿ٱنظُرۡ كَيۡفَ فَضَّلۡنَا بَعۡضَهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖۚ وَلَلۡأٓخِرَةُ أَكۡبَرُ دَرَجَٰتٖ وَأَكۡبَرُ تَفۡضِيلٗا ٢١﴾ [الإسراء: 21]. وقال تعالى: ﴿أَهُمۡ يَقۡسِمُونَ رَحۡمَتَ رَبِّكَۚ نَحۡنُ قَسَمۡنَا بَيۡنَهُم مَّعِيشَتَهُمۡ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۚ وَرَفَعۡنَا بَعۡضَهُمۡ فَوۡقَ بَعۡضٖ دَرَجَٰتٖ لِّيَتَّخِذَ بَعۡضُهُم بَعۡضٗا سُخۡرِيّٗاۗ وَرَحۡمَتُ رَبِّكَ خَيۡرٞ مِّمَّا يَجۡمَعُونَ ٣٢﴾ [الزخرف: 32]. فدلت هذه الآيات على أن هذا التفاضل رحمة من الله لهم، وأنه لا يستقيم نظام حياتهم بدونه، ولهذا سمّاه الله رحمة.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - الاشتراكية الماركسية ومقاصدها السيئة / " ما هي الاشتراكية الماركسية؟ " - المجلد 3