سبب الاختلاف في المجوس: هل هم أهل كتاب أم لا؟
والمجوس كانوا من أعظم الأمم، فلو أنزل عليهم كتاب لكان قد أنزل على ثلاث طوائف، فدل على أنه إنما أنزل على طائفتين، وقد احتج بهذا غير واحد من أهل العلم على أنه لا كتاب لهم، ولكن إنما وقعت الشبهة منهم لطائفة من أهل العلم، لما اعتقدوا أن الجزية لا تؤخذ إلا من أهل الكتاب وقد أخذت منهم بالنص والإجماع، صاروا تارة يقولون: لهم شبهة كتاب، وتارة يقولون: هم مختلف فيهم، وقال بعضهم: هم من أهل الكتاب.
واحتجوا بالحديث المعروف فيهم: «سنوا بهم سنة أهل الكتاب» . وهذا الحديث إسناده منقطع، فإن جعفرا رواه عن أبيه عن عبد الرحمن، وأبوه لم يدرك عبد الرحمن، وبتقدير ثبوت لفظه فهو دل على أنهم ليسوا من أهل الكتاب، لكن المراد أنه تؤخذ منهم الجزية، كما تؤخذ من أهل الكتاب.