القضاء والقدر عند أهل السنة

إن طريقة أهل السنة في القضاء والقدر هي الإيمان به، وأن الله على كل شيء قدير، وفعال لما يريد، فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، فهم يؤمنون بالقضاء والقدر، ولا يحتجون به، فالمحتج به حجته داحضة عند ربه. والقضاء والقدر الذي أوجب الله الإيمان به ليس معناه أن الله يلزم الناس بما قدره وقضاه عليهم، فقد جعل الله لهذه المقادير أسبابًا تدفعها وترفعها؛ من الدعاء والصدقة والأدوية وأخذ الحذر واستعمال الحزم وفعل أولي العزم وسائر ما يلزم إذ الكل من قضاء الله وقدره حتى العجز والكيس. وفي دعاء القنوت «اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت» فلولا أن الدعاء يدفع شر القدر والقضاء لما شرعه النبي ﷺ لأمته. ويدل له ما روى الترمذي عن سلمان أن النبي ﷺ قال: «لا يرد القدر إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر، وأن الصدقة لتدفع ميتة السوء» فأخبر النبيﷺ أن القدر والقضاء يندفع بهذه الأسباب التي شرعها الله لدفعه ورفعه، فلا يكون لزامًا على الناس من ذلك كتابة الملك على الجنين وهو في بطن أمه حين يكتب أجله وعمله وشقي أو سعيد، فإن هذه الكتابة يعتريها التبديل بإذن الله، فإن الله يمحو ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب. وسمع من دعاء عمر بن الخطاب: اللهم إن كنت كتبتني في أم الكتاب شقيًّا فامحني وأثبتني سعيدًا، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - الإيمان بالقضاء والقدر على طريقة أهل السنة والأثر / " بطلان الاحتجاج بالقدر: المحتجون بالقدر حجتهم داحضة عند ربهم " - المجلد (1)