ذكر صاحب المغني جواز ضمان الديات وأروش الجنايات وقيم المتلفات

وهذه (القضية التي ذكر صاحب المغني جوازها) هي نفس قضية ضمان التأمين على السيارات، فإن شركة التأمين تلتزم ضمان الديات وأروش الجنايات وقيم المتلفات كما ذكر جوازه صاحب المغني و الشرح الكبير و الإقناع، ولا يقدح في صحته جهل الضامن للمضمون به ولا المضمون عنه. فنصوص الإمام أحمد وأصوله تتسع لقبولها كنظائرها من الضمانات، وكذلك الإمام مالك وأبو حنيفة كما ذكرنا موافقتهما على ذلك. غير أن الإمام أحمد أكثر تصحيحًا للعقود والشروط من سائر الأئمة، ونصوص مذهبه تساير التطور في العقود المستحدثة. وإنما وقع اللبس فيها على من قال بتحريمها من علماء هذا العصر، كابن عابدين وغيره من جهة أنهم اعتقدوها قمارًا أو جهالة أو غررًا، أو التزام ما لا يلزم أو كونها على عمل مجهول قد يفضي إلى غرامات باهظة. ويتمسكون بما بلغهم من العمومات اللفظية والقياسات الفقهية التي اعتقدوا شمولها لمثل هذا العقد يظنونها عامة أو مطلقة وهي لا تنطبق في الدلالة والمعنى على ما ذكروا. أو يعللون بطلان مثل هذا العقد بكونه لم يرد به أثر ولا قياس. والله سبحانه قد أمر عباده بالوفاء بالعقود في قوله: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَوۡفُواْ بِٱلۡعُقُودِ﴾ [المائدة: 1]. وهو شامل لكل عقد يتعاقده الناس فيما بينهم ويلتزمون الوفاء به، ولم يكن قمارًا ولا ربًا ولا خديعة.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " أحكام عقود التأمين ومكانها من شريعة الدين " / التأمين على السّيارات - إزالة الشبهات اللاحقة لتأمين السيارات || المجلد (4)