قاعدة التحليل والتحريم وكذا الأمر والنهي
إن القاعدة في التحليل والتحريم وكذا الأمر والنهي هو ألا تُعارَض أحكامها بترخص جافٍ ولا تُعارَض بتشديد غال ولا تُحمَل على علة توهن الانقياد.
أما الترخص الجافي: فهو الذي يتساهل في الأمور المحرمة أو شديدة الشبهة، فيلطفها بخلابة لفظه وخداع غرضه لقصد مسايرة التطوّر كما زعموا، أو لقصد مصانعة الناس على عوائدهم أو مصانعتهم على حسب رغباتهم، فيحلل لهم ما حرم عليهم بدون نص يؤيده ولا قياس يعضده، كالقائلين بإباحة الربا للمحتاج أو جواز المراباة مع الكافر أو نكاح المحلل ونحو ذلك من العقود المحرمة بأصل الشرع.
وأما التشديد الغالي: فهو ما يتخلق به بعض الفقهاء، حيث يحرمون على الناس أشياء من المعاملات أو العادات لم تكن صريحة في التحريم والتي لم يتوصلوا إلى حقيقة العلم بتحريمها، فيحكمون عليها بالتحريم وبالمنع بدون نص صحيح ولا قياس صريح.
وربما تحاملوا بالتفنيد وعدم التسديد على رأي الجريء بقول الحق متى خالف رأيهم أو مذهبهم، فينشرون عنه التجهيل والتسفيه والزراية وعدم الدراية ليوقعوا في قلوب الناس عدم الثقة به وعدم الاعتبار بقوله، وينسبونه للتسرع إلى الفتيا المنهي عنها وإلى عدم الورع والتدين.
وهذا بما أنه من التشديد الغالي، فإنه أيضًا موقف عجز وضيق رحب عما يعرض له من الحقائق التي تخالف رأيه أو مذهبه أو ما عليه أهل بلده فلا ينشرح صدره لقبولها، ويترتب على ذلك من المضار وقوف الناس حيارى أمام هذه المشاكل المستحدثة والعقود المستجدة، فبعض الناس يقول: هي حلال، وبعضهم يقول: هي حرام، والورعون واقفون حيارى ينتظرون ماذا يقوله العلماء فيتبعونهم ويمتثلون أمرهم.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " أحكام عقود التأمين ومكانها من شريعة الدين " / الأمر والنهي والتحليل والتحريم || المجلد (4)